الإرث الأدبيّ للروائي فرانز كافكا في المحاكم

محمد‭ ‬مستعد  |  08 أبريل 2020  |  

صدرت‭ ‬مؤخَّراً‭ ‬الترجمة‭ ‬الفرنسيّة‭ ‬لكتاب‭ ‬‮«‬المحاكمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لكافكا،‭ ‬الصهيونية‭ ‬وإرث‭ ‬الشتات‮»‬‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬بنيامين‭ ‬بالينت‭*‬‭ ‬وترجمة‭ ‬فيليب‭ ‬بينيار‭ (‬دار‭ ‬النشر‭ ‬لاديكوفيرت‭). ‬ويتناول‭ ‬الصراع‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬دار‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وألمانيا‭ ‬حول‭ ‬أرشيف‭ ‬فرانز‭ ‬كافكا‭ (‬1883‭ – ‬1924‭). ‬النصّ‭ ‬الإنجليزي‭ ‬الأصلي‭ ‬كان‭ ‬عنوانه‭ ‬‮«‬المحاكمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لكافكا‭. ‬قضية‭ ‬إرث‭ ‬أدبيّ‮»‬‭ ‬بدون‭ ‬تلميحات‭ ‬سياسيّة‭. ‬وصدرت‭ ‬مؤخَّراً‭ ‬أيضاً‭ ‬ترجمة‭ ‬فرنسيّة‭ ‬جديدة‭ ‬لمذكرات‭ ‬كافكا‭ ‬‮«‬اليوميات‮»‬‭ (‬دار‭ ‬النشر‭ ‬نو‭) ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬بشكل‭ ‬متقطّع‭ ‬من‭ ‬1909‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬وفاته‭ ‬في‭ ‬1924‭. ‬أنجز‭ ‬الترجمة‭ ‬روبير‭ ‬كاهين،‭ ‬وهي‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭ ‬تكشف‭ ‬لأوّل‭ ‬مرّة‭ ‬معلومات‭ ‬وحقائق‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصّة‭ ‬للكاتب‭ ‬العالمي‭. ‬

‮«‬المحاكمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لكافكا‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬العنوان‭ ‬الذي‭ ‬اختاره‭ ‬الكاتب‭ ‬الأميركي‭-‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬بالينت‭ ‬لكتاب‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الدقة‭ ‬حول‭ ‬صراع‭ ‬سياسيّ‭ ‬وثقافيّ‭ ‬استمر‭ ‬لمدة‭ ‬طويلة‭ ‬وله‭ ‬خلفيات‭ ‬صهيونية‭ ‬عميقة‭ ‬حول‭ ‬أرشيف‭ ‬الكاتب‭ ‬التشيكي‭ ‬اليهودي‭ ‬فرانز‭ ‬كافكا،‭ ‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬قصاصي‭ ‬وروائيي‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬العنوان‭ ‬يحيل‭ ‬على‭ ‬‮«‬المحاكمة‮»‬،‭ ‬الرواية‭ ‬الشهيرة‭ ‬لكافكا،‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬قبل‭ ‬حوالي‭ ‬100‭ ‬عام‭. ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬ليكشف‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬صراع‭ ‬كافكاوي‭ ‬تتشابك‭ ‬فيه‭ ‬لعبة‭ ‬السياسة‭ ‬بغرائز‭ ‬الصداقة‭ ‬والوفاء‭ ‬والشهرة‭ ‬والمال‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬إبداعات‭ ‬الروائي‭ ‬الراحل‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تثير‭ ‬النقاش‭ ‬الأدبيّ‭ ‬والإعجاب‭ ‬عالمياً،‭ ‬فإن‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬مَنْ‭ ‬يمتلك‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬الفنيّ‭ ‬ومن‭ ‬يوظفه‭ ‬سياسيّاً‭ ‬وثقافيّاً‭ ‬ظلّ‭ ‬محتدماً‭ ‬لسنوات،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬حسم‭ ‬مؤخَّراً‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬مستقبلاً‭ ‬عناصر‭ ‬جديدة‭. ‬جاء‭ ‬كتاب‭ ‬بنيامين‭ ‬بالينت‭ ‬للتحقيق‭ ‬بشكلٍ‭ ‬بارع‭ ‬في‭ ‬خبايا‭ ‬هاته‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬الصراع‭ ‬العربيّ‭-‬الإسرائيليّ‭. ‬فهي‭ ‬تثير‭ ‬أسئلة‭ ‬استراتيجية‭ ‬أهمّها‭: ‬هل‭ ‬كان‭ ‬كافكا‭ ‬حقّاً‭ ‬من‭ ‬دعاة‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلَّق‭ ‬بتسييس‭ ‬مقصود‭ ‬لإبداعه‭ ‬وإعادة‭ ‬تأويل‭ ‬لمواقفه‭ ‬الشخصيّة‭ ‬والسياسيّة‭ ‬التي‭ ‬عبّر‭ ‬عنها‭ ‬أساساً‭ ‬في‭ ‬يومياته؟

في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬حصلت‭ ‬مواجهة‭ ‬قانونيّة‭ ‬وسياسيّة‭ ‬داخل‭ ‬المحاكم‭ ‬الإسرائيليّة‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭: ‬الأوّل‭ ‬ألمانيّ‭ ‬تمثله‭ ‬أساساً‭ ‬امرأة‭ ‬اسمها‭ ‬‮«‬إيفا‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬ابنة‭ ‬‮«‬إيستر‭ ‬هوف‮»‬‭ ‬كاتبة‭ ‬ومساعدة‭ ‬ماكس‭ ‬برود‭ ‬صديق‭ ‬كافكا‭ ‬الحميم‭. ‬وكانت‭ ‬عائلة‭ ‬هوف‭ ‬مدعومة‭ ‬بمؤسَّسات‭ ‬أدبيّة‭ ‬ألمانيّة‭ ‬تريد‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬إرثه‭ ‬الثقافيّ‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬كافكا‭ ‬كان‭ ‬تشيكياً‭ ‬يكتب‭ ‬بالألمانيّة‭. ‬قبل‭ ‬وفاته‭ ‬في‭ ‬1968،‭ ‬كان‭ ‬ماكس‭ ‬قد‭ ‬ترك‭ ‬الأرشيف‭ ‬لإيفا‭ ‬مع‭ ‬توصية‭ ‬بأن‭ ‬تسلمه‭ ‬إلى‭ ‬مكتبة‭ ‬داخل‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬إسرائيل‭. ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تحترم‭ ‬الوصية‭ ‬مثلما‭ ‬لم‭ ‬يحترم‭ ‬هو‭ ‬سابقاً‭ ‬أيضاً‭ ‬وصية‭ ‬صديقه‭ ‬كافكا‭. ‬أمّا‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬فهو‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيليّة‭ ‬التي‭ ‬تبنَّت‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬وإن‭ ‬بشكلٍ‭ ‬متأخّر،‭ ‬ودافعت‭ ‬بقوة‭ ‬عن‭ ‬ملكيتها‭ ‬للأرشيف‭ ‬لأغراضٍ‭ ‬سياسيّة‭ ‬واضحة‭.‬

قصّة‭ ‬أرشيف‭ ‬كافكا

لهذا‭ ‬الأرشيف‭ ‬قصّة‭ ‬هوليوودية‭ ‬معقَّدة‭. ‬في‭ ‬1939،‭ ‬استطاع‭ ‬ماكس‭ ‬برود‭ ‬أن‭ ‬يهاجر‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬اجتياح‭ ‬قوات‭ ‬هتلر‭ ‬لتشيكوسلوفاكيا،‭ ‬وليحقق‭ ‬حلم‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬أرض‭ ‬الميعاد‮»‬‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حملة‭ ‬الاستيطان‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬فلسطين‭. ‬هاجر‭ ‬إليها‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬معه‭ ‬حقيبة‭ ‬مملوءة‭ ‬بأرشيف‭ ‬وكتابات‭ ‬كافكا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أصدر‭ ‬في‭ ‬براغ‭ ‬ثلاثاً‭ ‬من‭ ‬روايات‭ ‬صديقه‭ ‬غير‭ ‬المكتملة‭ ‬التي‭ ‬ستصبح‭ ‬من‭ ‬كلاسيكيات‭ ‬الأدب‭ ‬الروائي‭ ‬المُعاصِر‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬المحاكمة‮»‬،‭ ‬‮«‬القصر‮»‬‭ ‬و«أميركا‮»‬‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬كافكا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أوصاه‭ ‬بإحراق‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬وعدم‭ ‬نشره‭. ‬بعد‭ ‬فترة،‭ ‬سيتم‭ ‬تهريب‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأرشيف،‭ ‬وفيه‭ ‬‮«‬يوميات‮»‬‭ ‬كافكا‭ ‬وكتابات‭ ‬أخرى،‭ ‬خلال‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ليعود‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬ماكس‭ ‬برود‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سلمان‭ ‬شوكن،‭ ‬وهو‭ ‬الناشر‭ ‬الألماني‭ ‬لكتب‭ ‬كافكا‭. ‬ونظراً‭ ‬لقيمته‭ ‬المادية‭ ‬والرمزية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬قرَّر‭ ‬الناشر‭ ‬أن‭ ‬يخفي‭ ‬هذا‭ ‬الأرشيف‭ ‬الجزئي‭ ‬العائد‭ ‬والغالي‭ ‬القيمة‭ ‬في‭ ‬خزنة‭ ‬من‭ ‬حديد‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأبناك‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭. ‬وهنا‭ ‬ستتدخّل‭ ‬عائلة‭ ‬هوف‭ ‬بواسطة‭ ‬أستاذ‭ ‬متخصّص‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الألمانيّة‭ ‬لتطالب‭ ‬باسترجاع‭ ‬الأرشيف‭ ‬وسيتم‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬أوكسفورد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسِّر‭ ‬أن‭ ‬أرشيف‭ ‬كافكا‭ ‬مازال‭ ‬موزعاً‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬هي‭ ‬ألمانيا‭ (‬أرشيف‭ ‬مارباخ‭ ‬Marbach‭)‬،‭ ‬وإنجلترا‭ (‬مكتبة‭ ‬بودليان‭ ‬Bodleian‭ ‬في‭ ‬أوكسفورد‭)‬،‭ ‬وإسرائيل‭.‬

تفاصيل‭ ‬المحاكمة‭ ‬

من‭ ‬أهمّ‭ ‬ما‭ ‬كشفه‭ ‬كتاب‭ ‬بالينت‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تعر‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬لأرشيف‭ ‬كافكا‭ ‬طيلة‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬عاماً،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تبدِ‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬بالموضوع‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬قامت‭ ‬إيستر‭ ‬هوف‭ ‬ببيع‭ ‬أجزاء‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬المزاد‭ ‬العلني،‭ ‬والذي‭ ‬كانت‭ ‬تحتفظ‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬بيتها‭ ‬في‭ ‬‮«‬تل‭ ‬أبيب‮»‬‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬منزل‭ ‬ماكس‭ ‬برود‭.‬‭ ‬وكان‭ ‬الأرشيف‭ ‬مهملاً‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬بحيث‭ ‬كانت‭ ‬تلعب‭ ‬فوقه‭ ‬القطط،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعضه‭ ‬تعرَّض‭ ‬للسرقة‭. ‬وكان‭ ‬الخبراء‭ ‬يقدرون‭ ‬قيمته‭ ‬بملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الألفية‭ ‬الحالية‭. ‬في‭ ‬العام‭ ‬2009‭ ‬فقط‭ ‬ستقرّر‭ ‬حكومة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬أن‭ ‬تتحرَّك‭ ‬بسرعةٍ‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬إيستر‭ ‬هوف‭ ‬بكتابة‭ ‬وصية‭ ‬تسمح‭ ‬لابنتيها‭ ‬بأن‭ ‬ترثا‭ ‬الأرشيف‭. ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬المكتبة‭ ‬الوطنيّة‭ ‬لإسرائيل‮»‬‭ ‬برفع‭ ‬دعوى‭ ‬قضائية‭ ‬لاسترجاع‭ ‬الأرشيف‭ ‬ووكلت‭ ‬للدفاع‭ ‬عنها‭ ‬المحامي‭ ‬مايير‭ ‬هيلر‭ ‬الشهير‭ ‬بفصاحته،‭ ‬والذي‭ ‬سيقول‭ ‬خلال‭ ‬إحدى‭ ‬مرافعاته‭ ‬ذات‭ ‬النبرة‭ ‬السياسيّة‭ ‬القوية‭ ‬ذات‭ ‬الدلالة‭: ‬‮«‬مثل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية،‭ ‬نحن‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬إرث‭ ‬كافكا‭ ‬ومخطوطاته‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬توضع‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬قرّرت‭ ‬مؤسّسة‭ ‬مارباخ‭ ‬للأرشيف‭ ‬الأدبيّ‭ ‬الألمانيّ،‭ ‬إحدى‭ ‬أهمّ‭ ‬المؤسَّسات‭ ‬المُتخصّصة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أن‭ ‬تطالب‭ ‬أيضاً‭ ‬باسترجاع‭ ‬هذا‭ ‬الأرشيف‭. ‬وكانت‭ ‬قد‭ ‬دخلت‭ ‬بموازاة‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬عائلة‭ ‬هوف‭ ‬لشراء‭ ‬منزل‭ ‬ماكس‭ ‬برود‭ ‬نفسه‭ ‬لتحويله‭ ‬إلى‭ ‬متحف‭. ‬وهكذا‭ ‬استمرَّت‭ ‬القضية‭ ‬معروضة‭ ‬على‭ ‬المحاكم‭ ‬الإسرائيليّة‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭. ‬وتوجت‭ ‬في‭ ‬2016‭ ‬بقرار‭ ‬نهائي‭ ‬للمحكمة‭ ‬العليا‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬الأرشيف‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ملكية‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تعويض‭ ‬لعائلة‭ ‬هوف‭. ‬وقد‭ ‬توفيت‭ ‬‮«‬إيفا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬الحكم‭ ‬بمدة‭ ‬قصيرة‭ ‬في‭ ‬2018‭. ‬وفي‭ ‬2019،‭ ‬قامت‭ ‬ألمانيا‭ ‬بتسليم‭ ‬المكتبة‭ ‬الإسرائيليّة‭ ‬مخطوطات‭ ‬لكافكا‭ ‬كانت‭ ‬مسروقة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭. ‬كما‭ ‬تسلَّمت‭ ‬المكتبة‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬UBS‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يحتويه‭ ‬صندوق‭ ‬حديدي‭ ‬يضم‭ ‬أرشيفاً‭ ‬مماثلاً‭. ‬

علاقة‭ ‬كافكا‭ ‬‮«‬المُبهمة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬والنساء

يرى‭ ‬عالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬الألماني‭ ‬اليهودي‭ ‬الشهير‭ ‬تيودور‭ ‬أدورنو‭ ‬أن‭ ‬كافكا‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬شاعراً‭ ‬لأرض‭ ‬اليهود‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬استعارة‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬كافكا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المؤيّدين‭ ‬لفكرة‭ ‬إقامة‭ ‬أرض‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬شعراً‭ ‬يمدح‭ ‬ويحلم‭ ‬بهذا‭ ‬الأفق‭. ‬فعكس‭ ‬صديقه‭ ‬برود‭ ‬الذي‭ ‬هاجر‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬واستقرَّ‭ ‬بها،‭ ‬كان‭ ‬كافكا‭ ‬غير‭ ‬مقتنع‭ ‬بمشروع‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولم‭ ‬يهاجر‭ ‬إليها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يخطط‭ ‬لذلك‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬علاقته‭ ‬بأصوله‭ ‬وبثقافته‭ ‬اليهوديّة‭ ‬تبقى‭ ‬‮«‬مُبهَمة‮»‬‭ ‬حسب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المختصين‭. ‬بحيث‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬متشبثاً‭ ‬بها،‭ ‬وحريصاً‭ ‬على‭ ‬دراستها‭ ‬بعمق،‭ ‬وخاصّة‭ ‬مسرح‭ ‬الييديش،‭ ‬وهي‭ ‬لهجة‭ ‬خاصّة‭ ‬تكلمها‭ ‬اليهود‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفي‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقيّة‭. ‬وقد‭ ‬كتب‭ ‬كافكا‭ ‬صفحات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬يومياته‭ ‬عن‭ ‬مسرح‭ ‬وقصص‭ ‬الييديش،‭ ‬وعن‭ ‬التصوُّف‭ ‬واللاعقلانية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭. ‬وكان‭ ‬حسب‭ ‬بنيامين‭ ‬بالينت‭ ‬معجباً‭ ‬بهذا‭ ‬المسرح،‭ ‬و‭ ‬‮«‬متأثّراً‭ ‬بصدقه‭ ‬وقوة‭ ‬نبرته،‭ ‬وبدرجة‭ ‬السخرية‭ ‬في‭ ‬لغته‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتحاور‭ ‬ويتصادم‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عالي‭ ‬القيمة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متواضع،‭ ‬والمكتوب‭ ‬مع‭ ‬العامي‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام،‭ ‬ظلّ‭ ‬كافكا‭ ‬يحتفظ‭ ‬بمسافة‭ ‬وجودية‭ ‬وعبثية‭ ‬إلى‭ ‬حدٍّ‭ ‬ما‭ ‬مع‭ ‬أصوله،‭ ‬وهي‭ ‬ميزة‭ ‬أساسيّة‭ ‬في‭ ‬كتاباته‭. ‬فكان‭ ‬يطرح‭ ‬أفكاراً‭ ‬ذات‭ ‬نبرة‭ ‬متهكمة‭ ‬حول‭ ‬معاني‭ ‬ودلالات‭ ‬علاقته‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬باليهود،‭ ‬حيث‭ ‬يتساءل‭ ‬في‭ ‬يومياته‭: ‬‮«‬ما‭ ‬هي‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬تجمعني‭ ‬باليهود؟‮»‬‭ ‬فيجيب‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬ليست‭ ‬لديّ‭ ‬بالكاد‭ ‬علاقة‭ ‬حتى‭ ‬بنفسي‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬الوجود‭ ‬والعلاقة‭ ‬التي‭ ‬تربطه‭ ‬بواقعه‭ ‬وبالإنسانيّة‭ ‬عموماً‭ ‬جعلت‭ ‬البعض‭ ‬يعتبر‭ ‬كافكا‭ ‬كاتباً‭ ‬كونياً‭ ‬وإنسانياً‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬كاتباً‭ ‬يهودياً‭ ‬إسرائيليّاً‭. ‬ويرى‭ ‬بالينت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬المُبهَمة‭ ‬بإسرائيل‭ ‬تشبه‭ ‬علاقته‭ ‬بالنساء‭ ‬اللواتي‭ ‬تعرف‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬منهن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرتبط‭ ‬رسمياً‭ ‬أو‭ ‬يتزوج‭ ‬نظراً‭ ‬لميله‭ ‬إلى‭ ‬الفردانية‭ ‬الشديدة‭ ‬والإنعزال‭. ‬ويقول‭ ‬بالينت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬إن‭ ‬كافكا‭ ‬كان‭ ‬يحب‭ ‬النساء،‭ ‬ولكن‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬حيث‭ ‬يكتب‭: ‬‮«‬إن‭ ‬تناقض‭ ‬وتردُّد‭ ‬كافكا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬الصهيونيّة‭ ‬ليس‭ ‬غريباً‭ ‬عن‭ ‬تعقُّد‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬‮«‬فيليس‭ ‬بوير‮»‬‭ (‬خطيبته‭) ‬والنساء‭ ‬الأخريات،‭ ‬فهو‭ ‬كان‭ ‬يحبهن‭ ‬جميعاً،‭ ‬ولكن‭ ‬دائماً‭ ‬من‭ ‬بعيد‮»‬‭.‬

في‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬المحاكمة‮»‬‭ ‬يتعرَّض‭ ‬البطل‭ ‬واسمه‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬ك‮»‬‭ ‬للاعتقال‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬ويقدَّم‭ ‬للمحاكمة‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكابه‭ ‬لخطأ‭ ‬يجهل‭ ‬حتى‭ ‬طبيعته،‭ ‬ثم‭ ‬يتولَّى‭ ‬محاكمته‭ ‬قضاة‭ ‬لا‭ ‬يراهم‭ ‬أبداً،‭ ‬وذلك‭ ‬تطبيقاً‭ ‬لقوانين‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬‮«‬ك‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يشرحها‭ ‬له‭. ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬تلخصها‭ ‬أيضاً‭ ‬إحدى‭ ‬شخصيّات‭ ‬الرواية‭ ‬عندما‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬مَنْ‭ ‬يتعرَّض‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المحاكمة‭ ‬محكوم‭ ‬عليه‭ ‬مسبقاً‭ ‬بأن‭ ‬يخسرها‮»‬‭. ‬إنها‭ ‬قولة‭ ‬تجسد‭ ‬إحدى‭ ‬الخلاصات‭ ‬الأساسيّة‭ ‬لرواية‭ ‬عن‭ ‬عبثية‭ ‬الحياة‭ ‬كما‭ ‬يراها‭ ‬كافكا‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لعائلة‭ ‬هوف‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬الأرشيف،‭ ‬بحيث‭ ‬إنها‭ ‬خسرت‭ ‬الدعوى،‭ ‬وخسرت‭ ‬إرثاً‭ ‬تاريخياً‭ ‬ارتبط‭ ‬باسمها‭ ‬مئة‭ ‬عام‭. ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬هي‭ ‬فعلاً‭ ‬‮«‬المحاكمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لكافكا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬عنوان‭ ‬الكتاب؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تطالب‭ ‬مستقبلاً‭ ‬بملكية‭ ‬الأجزاء‭ ‬المتبقية‭ ‬من‭ ‬أرشيف‭ ‬كافكا‭ ‬في‭ ‬إنجلترا‭ ‬وألمانيا؟‭ ‬يبقى‭ ‬هذا‭ ‬أمراً‭ ‬محتملاً‭ ‬ووارداً‭ ‬بحسب‭ ‬منطق‭ ‬الصهيونيّة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬الدفاع‭ ‬التي‭ ‬تبناها‭ ‬محامي‭ ‬المكتبة‭ ‬الإسرائيليّة‭ ‬نفسه‭. ‬ووفق‭ ‬المنطق‭ ‬نفسه‭ ‬أيضاً،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تطالب‭ ‬إسرائيل‭ ‬باسترجاع‭ ‬أرشيف‭ ‬أي‭ ‬كاتب‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭ ‬له‭ ‬أصول‭ ‬يهوديّة‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يؤمن‭ ‬بالدولة‭ ‬الإسرائيليّة‭

الكاتب: ‬محمد‭ ‬مستعد (‭‬المغرب‭(


‭*‬بنيامين‭ ‬بالينت‭: ‬كاتب‭ ‬في‭ ‬الأربعينات‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬ومن‭ ‬الأسماء‭ ‬الصاعدة‭ ‬في‭ ‬دراسات‭ ‬الإنسانيات‭ ‬متخصّص‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثقافيّة‭ ‬الأميركيّة‭-‬اليهوديّة‭. ‬وُلد‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتَّحدة‭ ‬ويحمل‭ ‬الجنسيتين‭ ‬الأميركية‭ ‬والإسرائيليّة‭. ‬يكتب‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬والعبرية‭ ‬في‭ ‬كبار‭ ‬الصحف‭ ‬العالميّة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬و«دي‭ ‬تزايت‮»‬‭ ‬و«هآرتز‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬عضو‭ ‬باحث‭ ‬في‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬فان‭ ‬لير‮»‬‭ ‬the Van Leer Institute‭ ‬المُتخصّص‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانيّة‭ ‬والاجتماعيّة‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭. ‬من‭ ‬بين‭ ‬مؤلَّفاته‭ ‬كتاب‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬‮«‬ميراف‭ ‬ماك‮»‬‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬القدس‭: ‬مدينة‭ ‬الكتاب‮»‬‭ ‬ويبحث‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬القديم‭ ‬والحديث‭ ‬للمكتبات‭ ‬الخفية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬وكنوزها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تجسّده‭ ‬من‭ ‬مرجعيات‭ ‬سكّانها‭ ‬وثقافاتها‭ ‬المنتمية‭ ‬إلى‭ ‬الديانات‭ ‬السماويّة‭ ‬الثلاث‭. ‬وله‭ ‬أيضاً‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬كومنتري‭: ‬المجلّة‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬التي‭ ‬حوَّلت‭ ‬اليهود‭ ‬اليساريين‭ ‬إلى‭ ‬محافظين‭ ‬جدد‮»‬‭. ‬ويتناول‭ ‬فيه‭ ‬مسارات‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والمُفكِّرين‭ ‬الأميركيين‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬اليهودية‭ ‬مثل‭ ‬فيليب‭ ‬روث،‭ ‬وجيمس‭ ‬بالدوين‭ ‬وهانه‭ ‬أرندت‭… ‬الذين‭ ‬برزوا‭ ‬في‭ ‬مجلّة‭ ‬‮«‬كومنتري‮»‬‭ ‬وتحلَّقوا‭ ‬حولها‭ ‬وكانوا‭ ‬متعاطفين‭ ‬سياسيّاً‭ ‬مع‭ ‬اليسار،‭ ‬لكن‭ ‬المجلّة‭ ‬تحوَّلت‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬السنوات‭ ‬إلى‭ ‬ناطقة‭ ‬باسم‭ ‬اليمين‭ ‬المُحافِظ‭.‬

مواضيع مرتبطة

حكاياتٌ حول كأْسِ العَالَم
مصطفى كيسوس 10 نوفمبر 2022
بعضُ الأقوال حول كرة القدم
ترجمة: يحيى بوافي 10 نوفمبر 2022
عولمة كرة القدم تعزِّز الانفتاح
ترجمة: مروى بن مسعود 10 نوفمبر 2022
كأننا لم نُترجِم إدوارد سعيد
شوقي بن حسن 07 سبتمبر 2022
باتريك موديانو: يمكن حذف عناوين رواياتي للحصول على كتاب واحد
ترجمة: مونية فارس 07 سبتمبر 2022
منصف الوهايبي: السجال حول «قصيدة النثر» بدأ قبل ظهور «قصيدة التفعيلة»
حوار: السيد حسين 07 سبتمبر 2022
إدغار موران: أصفُ نفسي باليقظ وحتى بالحَذِر وليس بالمُتشائم
ترجمة: يحيى بوافي 02 فبراير 2022
«أمازون» ابتكرت طرقاً لا حصر لها لتقسيم الرواية
ترجمة: عبدالله بن محمد 02 فبراير 2022
يورغن هابرماس: على الفلسفة أن تواصل التخصُّص دون توقف
ترجمة: يحيى بوافي 02 فبراير 2022
ميشيل مافيزولي: الإدارة بواسطة الخوف تؤدِّي إلى ترسيخ الفردانية
ترجمة: حياة لغليمي 02 يناير 2022