فولفغانغ فايراوخ.. “استعدادات لاغتيال الطاغية”

ترجمة: عماد مبارك غانم  |  26 أبريل 2021  |  

وُلِد الكاتب الألماني «فولفغانغ فايراوخ» عام (1904)، في كونيكسبيرغ، عاصمة بروسيا الشرقية، والتي باتت، بعد الحرب العالمية الثانية، تحت سيطرة روسيا، وتُعرف اليوم بـ«كالينينغراد». بعد فراغه من تعليمه الثانوي، اتَّجه إلى التمثيل، فالتحق بمعهد التمثيل في فرانكفورت لدراسته. درس الأدب الألماني، والآداب الرومانية، والتاريخ. وعندما كشفت الحرب العالمية الثانية عن ساقها، استُدعِي للخدمة، وبقي جنديّاً حتى نهايتها. كان له دور مهمّ في «مجموعة 47» التي أنشِئت بعد الحرب، وكانت مواضيع أعمال أعضائها تدور حول الدمار المادّي والدمار الروحي الذي لحق بألمانيا.

ووضع «فايراوخ» تعبيراً رمزياً معبِّراً عن هذه الفترة، بتسميتها بـ«التعرية»، وقد استخدم هذه التسمية في مجموعته القصصية «ألف غرام» الصادرة عام (1949)، بقوله: «الجمال شيء جميل. أمّا الجمال دون حقيقة فهو الشرّ، لكن الحقيقة دون جمال هي شيء أفضل». ويرى أن الوقوف في وجه التقليديين والعقائديين لا يتحقَّق إلّا من خلال نقد الذات: «إن الذي يريد اقتلاع الشوائب من الجذور، عليه أن يبدأ أوّلاً باللّغة والجوهر والشكل، أي من الأبجدية». ويهدف «فايراوخ»، في أعماله، إلى زيادة محصّلة الخير لتقويض محصِّلة الشرّ، مؤمناً بالحقيقة الكاملة التي لا تتجزّأ ولا تتبدَّل. كما يرى أن دور الأديب هو تحفيز القارئ على التفكير بنفسه، وعلى السعي بنفسه إلى إيجاد الإجابة على الأسئلة والحلول. كما تطغى على قصصه الصور المتداخلة مع الخيالات والاسترجاعات. توفِّي «فولفغانغ فايراوخ» عام (1980)، في مدينة «دارمشتات» الألمانية.

من أعماله: مجلَّد للَّيّل، مجموعة قصصية (1939)- المحبّان، قصّة (1943)- على هذه الأرض المضطربة، قصص (1946)- تقرير إلى الحكومة، قصّة (1953). لم يُترجَم من أعماله سوى قصَّتَيْن قصيرتَيْن: ترجم مصطفى ماهر قصّة «بين شقَّي الرحى» في كتابه «ألوان من الأدب الألماني الحديث»، عن (دار صادر)، بيروت (1974). كما ترجم له علي عودة «في مقصورة القطار» في مجموعة «حمامات إيليا. قصص ألمانية» الصادرة عن (دار الكندي للنشر)، عمان (2002).

 

***

 

حلمت بأنني ذاهب باتِّجاه القصر. للمرّة الأولى، كانت لديَّ خطّة. كانت خطّة جيِّدة، إذ كانت محكمة حتى في أدقّ التفاصيل. ولأنها كانت جيّدة، كان يجب أن تكون ناجحة. حلمت، في البدء، بأنني أغيّر طريقي فجأةً، منعطِفاً، بحدَّة، نحو ضواحي المدينة. غيَّرت ملابسي هنا في غابة صغيرة. لم يرَني أحد. في يوم رأس السنة، لا يتجوَّل سكّان المدينة إلّا في الشوارع فقط. على ضوء المصباح اليدوي، وأمام مرآة صغيرة، ارتديت ملابس كملابس الطاغية، ووضعت الأصباغ على وجهي، كما كان يفعل. سار كلّ شي بصورة سريعة، فلطالما تمرَّنت على هذا. بعد أن دفنت ملابسي والمصباح والمرآة، عدت إلى المدينة. سرت متبختراً كما يفعل الطاغية. أتقنت فعل ذلك جيِّداً. كنت أشبهه، تماماً. لم يساورني شكّ في أن كلّ ساكن في المدينة سيحسبني الطاغية، فقد خلت نفسي، للحظة، أنني الطاغية ذاته. وصلت إلى المدينة. لم يعبأ بي أحد؛ وهذا دليل على أن الجميع كانوا على اعتقاد بأن الطاغية نفسه يسير متبختراً. في ليلة رأس السنة، يتجوَّل الطاغية عبر شوارع المدينة متبختراً وحده، كما يبدو، لكنه كان، في الواقع، محاطاً بالحرس، الذين يتظاهرون بأنهم مسالمون، وكان عليهم أن يكونوا يقظين كي لا يمسّه سوء. لم أخشَ أن يرتابوا في أمري؛ فقد أكون أحد شبهائه، يسير في طريقه. فالطاغية، دائماً، يسير متبختراً في ليلة رأس السنة في شرق المدينة، على سبيل المثال، وفجأةً يظهر في غربها. أمّا نحن العبيد، فكان علينا أن نؤمن بأن الطاغية يمكنه استخدام السحر، لكنه كان يسرع بشكل خفيّ، لم أكتشف كنهه بعد، عبر نظام من الأنفاق. ربَّما أمرَ، سرّاً، ببناء نوع من قطار الأنفاق الخاصّ به. لا أعرف لماذا لم أفكِّر في هذا الأمر من قبل، لكني- مقابل ذلك- كنت أعرف شيئاً آخر؛ فقد كنت أنا الوحيد الذي يعرف الطريق عبر الأنفاق حتى أقصى وأعمق نهاية في هذه الممرّات، تحت الأرض، التي تتخلَّلها المستنقعات. نهاية شبكة الأنفاق هذه، تتكوَّن من غرفة ليس فيها نوافذ؛ فما حاجة القابع في هذه الغرفة إلى النوافذ؟، لكنَّ لهذه الغرفة باباً، وعندما يُغلق لا يبقى هواء في داخلها. لا، بل يبقى القليل ممّا كان موجوداً. القليل من الهواء المنبعث من الممرّات والمتعفِّن بفعل الطحالب، لكنه سرعان ما يُستهلك عندما يكون أحدهم في الغرفة، والباب مغلق. من يُحتجَز في الغرفة يمُتْ مختنقاً، ليس على الفور، بل بعد وقت قصير؛ إذ يختنق، ببطء، لدرجة أنه يستطيع أن يتذكَّر كلّ ما قام به من ذنوب. ويختنق بسرعة إلى درجة أنه يتخلّى عن أيّ أمل في النجاة. كانت هذه الغرفة هي النهاية، وأنا الشخص الوحيد الذي يعرف أن الطريق إلى هذه الغرفة يبدأ تحت قصر الطاغية.

بينما كنت أسير متبختراً هكذا، عبر المدينة، حلمت بما سأفعل للطاغية عندما أعتقله: سآخذه إلى الأعماق، وأحتجزه هناك، لكني سأعود إلى السطح، إليكم يا من تشعرون بالجزع دون طاغيتكم هذا، لأقول لكم: «اتركوه حيث هو، يمكنكم الحياة بدونه. من الأفضل لكم أن ترحلوا حين يختفي. لكن، إلى أين؟ سيجيب البعض منكم على جملتي الأخيرة: أنت مجنون، قد تكون سلبتنا طاغيتنا، لكن انتظر، فحسب. انتظر عاماً أو بضعة أعوام، وسيأتي طاغية جديد، يقوم بشنقك. بل إن بعضكم سيهاجمني بكلّ بساطة، لكني سأكون كما لو أنني خُلقت من حجر مقدَّس. سوف لن تنالوا مني. ليس فيكم من سيشكرني لأنني حرَّرتكم. لكن بعضكم سيسأل، فحسب: أين هو؟؛ إمّا إشباعاً لفضول أو تحايلاً كي يحرِّروه من هناك، حيث احتجزه. وقد يسأل البعض الآخر، أيضاً، لأنهم يريدون أن يعلموا كيف يمكن القضاء على شرور الطغاة، فحسب. سأجيبهم جميعاً بالقول: أَسَرْته في قصره. أمّا الطريقة التي اتبعتها فستبقى سرّاً يخصّني أنا وحدي. كمَّمت فمه، وقيَّدت ذراعيه خلف ظهره، وتركت قدميه طليقتَيْن كي يمكنه أن يسير، للمرَّة الأخيرة في حياته، وإذا ما حاول مقاومتي، فسأقتله. إلّا أن ذلك كان سيجعلني أتأسَّف على أنه سوف لن يتذوَّق كلّ العذاب الذي سقانا إيّاه. لكني كنت على قناعة بأن الأمر لن يبلغ تلك النهاية، إذ كان خائفاً مني، فقد كان طاغية، والطغاة جبناء. لا يمكنه الهرب. في شبكة الأنفاق هذه لا يمكن لأحد أن يهرب. من يهرب هنا، يلقَ حتفه. والطاغية لم يكن يريد الموت، فقد كان يتوقَّع نجاته، ولم أتوقَّع شيئاً، لأني عرفت أن كلّ شيء سيسير وفق ما خطَّطت له مسبقاً. فتحت الكوّة المؤدِّية إلى مدخل شبكة الأنفاق، وجعلته يسير أمامي، وتبعته ممسكاً مصباحاً في يدي اليسرى، ومسدَّساً في اليمنى. أغلقت غطاء الكوّة خلفنا، وانحدرنا نزولاً إلى أعماق شبكة الأنفاق، ثم أصبح الطريق مستوياً. وحتى وصولنا إلى هدفي (أقصى مغارة وأعمقها في شبكة الأنفاق)، كانت تتغيَّر معالم الطريق باستمرار، إذ أصبح منحدراً، ثم وعراً وشاقّاً، لكنه كان، في الحقيقة، ينحدر بنا نحو الأعماق. أحياناً، كان الطريق ينحدر قائماً نحو الأعلى، حتى ظننت أنه يعود بنا إلى سطح الأرض، لولا معرفتي الجيِّدة به. وفي أحيان أخرى، كان ينحدر نحو الأسفل، بشدّة، فننزلق ونتدحرج لأمتار كثيرة، وكنّا أحياناً، ننتهي إلى طريق مسدود؛ إمّا أن يكون طريقاً مسدوداً فعلاً، وأنا ضللت الطريق وعدت إليه من جديد، وإمّا أنه بدا مسدوداً إلى أن أحرِّك صخرة ما، فينفتح الطريق أمامنا، من جديد. من يدخل شبكة الأنفاق هذه دون أن يعرف أن صخرة ما تفتح الطريق، فسيهلك بكلّ تأكيد، لأن الطريق ينغلق خلف من يدخل طُرقاً مسدودة، ولا يعرف صخرة النجاة. حدث لي هذا مرّةً، بُعَيْد عثوري على باب الكوّة المؤدِّية إلى شبكة الأنفاق. وفي أثناء بحثي عن أكثر الأماكن خفاءً وأصعبها وصولاً، تلك التي أريد أن آخذ الطاغية إليها، عندما أعثر عليه، آنذاك تخبَّطت في الظلام عبر شبكة الأنفاق. لم أكن أعلم إذا ما كان أحد غيري يوجد في أعماقها. لا ينبغي أن يُكتَشَف أمري إطلاقاً، أو أن يعرف أحد بوجودي. ينبغي ألا تُحبط استعداداتي الأولى لاغتيال الطاغية. وبالطبع، كان معي، آنذاك، مصباح يدوي، لكنني خطَّطت كي لا أستخدمه إلّا في حالات الضرورة القصوى، فهكذا تصعب عليهم رؤيتي، إذا كان أحدهم في الأسفل. لكني لم أرَ أحدهم أيضاً، إلّا إذا كان يقف خلفي مباشرةً، ولم يكن يُمكن سماعي، ولا أن أسمع أحداً أيضاً. كانت كلّ الطرق في شبكة الأنفاق مليئة بالوحل، وغالباً ما كانت عميقة حتى أنني كنت أخرج منها بمشقّة. خرجت من الوحل، وتأمَّلت كيف تمكَّنت من النجاة بنفسي. لا أعرف ذلك!. حاولت أن أتشبَّث بجدران النفق، ساحباً نفسي إلى أعلى، وكانت هي الأخرى مغطّاة بكمِّيّة كبيرة من الوحل المتيبِّس، حتى أن محيطه لم يكن أكبر من نصف متر. وهكذا، تمكَّنت، في الحال، من التشبُّث بها، حين لم يكن الوحل يغطّي صخوراُ، بل المياه الجوفية. ولأن الجدران والسقف والأرضية كانت متقاربة، كنت أتحرَّك، بصعوبة، لأنقذ نفسي حين أغطس عميقاً. وعلى الرغم من ذلك، كنت أنجو بنفسي دائماً. قد يبدو الأمر كما لو كنت ماهراً أو بطلاً، ربّما! لكني لم أكن بطلاً. إنه الخوف، ولا شيء غير الخوف. أنا رجل بسيط فحسب. سأشعر بالخجل إذا ما دعاني أحدهم بطلاً. أفعل ما باستطاعتي فحسب، بل ربّما أقلّ من ذلك. أفعل ذلك رغم الخوف الذي يعتريني، ومن ذا الذي لا يشعر بالخوف، أيضاً، حين يكون في الوضع الآتي: يتلمَّس طريقه في الوحل، خلفه عتمة حالكة كالليل، وأمامه عتمة حالكة كالليل، وهو يخوض في الوحل، ويغطس فيه، وحينها… حينها، يعتقد أنه سمع شيئاً ما. يشعل مصباحه اليدوي، رغم أنه يعرف أنه يجب ألّا يشعله. ينظر إلى ما سمعه، فيرى جرذاناً، الكثير من الجرذان. كان محاطاً بالجرذان، التي لم تكن تخشاه أو تهرب منه. لم ترَ بشراً من، قبل، مطلقاً، لكنها تشعر أن الشيء الذي تحتها يمكن أن يُؤكَل، فهاجمته، وبدأت تقضم بزَّته، وسرعان ما التهمت القماش لتصل إلى جلده. في الحقيقة، كان عليه، بل عليَّ أنا، أن أطفئ المصباح اليدوي، لكن كيف يتسنّى لي ذلك والجرذان فوقي وتحتي وعلى جانبيَّ، وأنا على وشك الاختناق بفعل الغازات الكبريتية المنبعثة من الوحل؟ حينها، فكَّرت في أنني أخوض في دائرة مغلقة، وأنني لم أصل إلى شيء ما، إلى أيّ شيء، على الإطلاق. حينها، شعرت بأن سقف النفق الجديد الذي وجدته، أخذ ينخفض إلى درجة أنه توجَّب عليَّ أن أزحف مثل سمندر مقطوع الرأس والذيل، لا يمكنه التفكير أو الاستمرار، لكني خرجت من هذا المأزق ومن مآزق أخرى غيره.

أمّا الآن، وأنا أقود الطاغية أمامي، وآمره بالسير يميناً ويساراً، عن طريق لكزه بالمسدَّس بمرفقه الأيمن أو الأيسر، وقد تلمَّست طريقي أو زحفت عبر شبكة الأنفاق، للمرَّة الألف، لم أكن أواجه أيّ مأزق من جديد. وللأسف، لم يكن الطاغية يواجه، هو الآخر، أيّة مصاعب تهدِّد حياته، أو بدت أنها تهدِّدها، على الأقلّ، بل الإرهاق فقط. تمكَّنت من إجباره على أن يبطئ، كي يشعر بالوحل والجرذان والغازات بأكبر قدر ممكن. في هذه اللحظة، لم يكن بوسعي أن أفعل معه الكثير، لكننا وصلنا إلى أقصى وأعمق غرفة. بقي واقفاً أمامها، فدفعته إلى الداخل. لم يكن سقفها يرتفع لأكثر من متر واحد، وطولها متران، وعرضها مثلهما. تمدَّد على الأرض اللزجة، ورفع نظره إلى السقف اللزج. قيَّدت قدميه، أيضاً، وانحنيت فوقه، فنظر إليَّ، لكننا لم نتبادل أيّة كلمة. قلت في نفسي: «هكذا. أنت الآن حيث تنتمي، في نهاية الأرض، وكلّ نَفَس تستهلكه يقرِّبك من الموت. تجرَّع ما سقيتنا. من الأفضل أن نفعل بك ما فعلت بنا، فأنت لست الطاغية الفلاني فقط، بل ممثِّلاً لكلّ الطغاة الآخرين، حتى أصغر طاغية منهم. أنا ذاهب الآن، أيُّها الطاغية. ومن الآن فصاعداً، يجب أن أحترس من أن أصبح طاغية. أنا ذاهب». تبادلنا النظرات. لم أعرف ما كان يفكِّر فيه، لم يهمّني الأمر، أو يهمّ أيّ شخص آخر. لم تعد موجوداً، بعد الآن. نهضت. نظرتي في عينيك القاسيتين كانت، في البدء، شكوى ثم استجواباً، وفي النهاية إدانة. أنا ذاهب إلى باب سجنك، ولا أعرف لماذا ثُبِّت باب هنا؛ ربَّما لك أنت ولأمثالك، فأمثالك موجودون على الدوام. سأغلق الباب وأرمي المفتاح في الوحل، فيعمّ السكون. كلّا. لن يعمّ السكون، فعلاً، فالجرذان قادمة، تريد التهامك، لكنها لا تستطيع الوصول إليك، إذ لا يوجد في كهفك أيّ شقّ صغير. بعد ساعات قليلة، ستكون قد متّ. وقبل أن تموت لن تسمع سوى صوت الجرذان، وهي تقضم بابك الحجري وتضرب الممرّ بأذيالها، وتصرّ بأسنانها غضباً. أنت تعلم، أيُّها الطاغية، أن أسنان الجرذان لا يمكنها الوصول إليك. ورغم أنك تعلم ذلك، ستشعر بالخوف من أنها قد تصل إليك، وأنت وحدك هنا.. أنت وحدك فقط، وما من شيء حولك. قبل أن تموت، أيّها الطاغية، ستصاب بالجنون، والجنون أسوأ ما يمكن أن نُصاب به. المجانين الذي يلاحظون أنهم مجانين، يبكون، أحياناً، لكنك لن تبكي، فالطغاة لا يبكون.

لكني، وقد واصلت حلمي، كنت في طريقي إليه، إلى قصره. تخيَّلت بعض الشيء ما ينتظرني أنا والطاغية. كانت ليلة أرجوانية: سرت متبختراً في الحديقة المحيطة بالقصر، وكان بابها مفتوحاً. في نقطة الحراسة وقف جندي، قام بأداء التحيّة العسكرية أمامي. ظنَّ أنني الطاغية نفسه، فدخلت إلى الحديقة، وسرعان ما رأيت القصر في ضوء القمر الأرجواني. تعجَّبت من الأشكال التي شُذّبت بها شجيرات الحديقة، لكن لا ينبغي أن أظهر دهشتي، فأنا نفسي من أَمَر بأن تُقص على هذا الشكل. كانت جميعها متشابهة، كانت جميعها تشبهني، كلّ شجيرة كانت طاغية. كنت شجرة فحسب. دخلت الغرفة الأولى: كانت الأرضية والسقف والجدران مغطّاة بحرير أرجواني، وكان الحرير مهلهلاً. نعم، فقد تدلَّت مِزَقه إلى الأسفل. وقفت قليلاً ثم سرت من جديد. كانت الغرفة الأولى هي الغرفة الأولى، ولم تكن لها أهمِّيّة أخرى. الغرفة الثانية كانت استمراراً للّغرفة الأولى بعض الشيء. وهكذا اصطفَّت كلّ غرف القصر متجاورةً في خطّ مستقيم. كانت الغرفة الثانية غرفة الاستجواب، وخالية تماماً، وقد امتد حولها جداران. رأيت ذلك لأن الجدار الداخلي لم يكن مرتفعاً تماماً، مقارنةً بالخارجي. وعلى طول الجدار الداخلي لاحت فتحات، ورأيت الفتحات المخصَّصة لرؤوس المستجوَبين وأيديهم وأقدامهم.

ربَّما قورنَتْ، هنا، رؤوس الجناة وأيديهم وأرجلهم، وهم مثبَّتون في المخلعة وملفوفون بالحرير الأرجواني، بالرؤوس والأيدي والأرجل المدوَّنة قياساتها في اللوائح. وفي غرفة الاستعداد للاستجواب أو غرفة الورود (كانت غرفة الاستجواب الحقيقية هي الثالثة)، تدلَّت من السقف لوحات أرجوانية، كُتب عليها: «هنا تجري الحوارات»، أو «كن مؤدَّباً»، أو «العالم جميل». كان الحرير ممزَّقاً أيضاً، كما هو الحال في الغرفة الأولى، إذ توجَّب أن تبدو الثروة بائسة، والأفعال المنكرة مسالمة. حتى الورود في غرفة الورود، كانت أرجوانية اللون. لم أشكّ في أن الورود وحدها هي التي تبعث رائحة حين يسير الاستجواب على غير ما خُطِّط له. وما إن خطوت نحو مكان ما في غرفة الورود، حتى تأرجحت الأرضية من تحتي، فتيقَّنت من الأمر. حين كان ضيوف الطاغية لا يجيبون وفق التوقُّعات المنتظرة، كانت الأبخرة السامّة تنبعث إلى داخل الغرفة، من الكثير من الثقوب الدقيقة في الجدران، تخدِّر المتَّهمين، الذين أُدينوا سلفاً، فيسقطون، وتميل الأرضية، لتصبح منحدرة، فتتدحرج الضحايا إلى الغرفة التالية كي يُعذَّبوا. وحقّاً، كانت الغرفة المجاورة هي غرفة التعذيب، وكانت لها نوافذ، بدت خلفها مناظر طبيعية خلّابة. على طول صف النوافذ الأيسر، امتدَّ -طبعاً- جزء من حديقة القصر. وخلف الصف الأيمن كانت هناك جزيرة وسط بحر. توالت الأمواج وهبَّت الريح، وكانت الجزيرة تعجّ بالناس. تخيَّلت أنني أحلم في الحلم، إذ لا يمكن أن يوجد، داخل بلدنا وفي أي مكان منه، أيّ بحر. لا أعرف لماذا، ولكنني صحت: «أنا بريء»، فاختفى، في اللحظة ذاتها، البحر والجزيرة، وحتى المتنزَّه اختفى هو الآخر، وعمَّ الظلام في الوقت نفسه. حينها، فقط، انتبهت إلى أن غرفة التعذيب كانت مضاءة. أشعلت مصباحي اليدوي، ورأيت أن النوافذ مازالت موجودة، لكن خلف زجاجها لاحت، فقط، جدران مهدَّمة. صحت: «أنا مذنب»، فأُضيء المكان على الفور، ولاح منظر الحديقة والجزيرة في البحر، من جديد. صحت: «أنا بريء»، فعمَّ الظلام واختفت المناظر. كانت منعكسة على السطح الحجري في إطار النوافذ. كلَّما صحت: «بريء»، شممت شيئاً ما. وكلَّما صحت: «مذنب»، اختفت الرائحة. شممتها، فعرفت أنها رائحة أفاعٍ. صحت مرّةً أخرى: «بريء»، وشممت، وسمعت كيف بدأت الأفاعي تزحف في المكان. سمعتها تجلجل. إذاً، كانت أفاعيَ من ذوات الجرس. أشعلت مصباحي فلم أرَ أيّ أفعى، لم تكن موجودة. ربَّما أمر الطاغية بصناعة جهاز يصدر الأصوات، ويبعث الرائحة، يوهم المتهَّمين بوجود أفاعٍ من ذوات الجرَس. بعد غرفة التعذيب، أتت غرفة اللعب مع الأطفال. انتشرت اللُّعَب في كلّ مكان، لكنها لم تكن مبعثرة كما هو الحال في غرف الأطفال، عادةً، بل رُتِّبت في خزانات متجاورة. في الخزانة الأولى دمًى وثّابة، وفي الثانية دمًى متمايلة، وفي الثالثة دمًى فقط، وفي الرابعة ألعاب خشبية، وفي الخامسة كتب مصوَّرة، وفي السادسة صور متمايلة، وفي السابعة سيّارات. كانت جميع اللعب في الخزانات مثل قطع الملابس في خزانات جيشنا، حتى أدقّ التفاصيل. الدمى الوثّابة كانت على هيئة الطاغية، والدمى المتمايلة على هيئة الطاغية، الدمى الأخرى على هيئة الطاغية أيضاً، الكتب المصوّرة والصورة المتمايلة كانت تصوِّر الطاغية، أيضاً، وسائقو السيارات على هيئة الطاغية. وإذا ما رُتِّبت القطع الخشبية أظهرت قصر الطاغية، الذي كنت أتجوَّل عبر ظلمته الأرجوانية، في هذه اللحظات. لم أكفّ عن السير متبختراً، إذ لم أعرف إذا ما كان، في غرفة الموسيقى أم في غرفة الكتب أم في المرسم، جنديٌّ يتربَّص خلف أحد الخزانات أو أحد التماثيل. وإذا ما لاحظ أنني لست الشخص الذي أحاول تقليده، فسيضع الحبل في رقبتي. تعلَّقتْ على جدران غرفة الموسيقى مئات الآلات. أدرت زراً، فانبعثت موسيقى «أتعرف كم عدد النجوم الصغيرة؟»، ثم توقَّفت الآلة في منتصف اللحن، وزمجرت، من جديد، منطلقةً من بداية الجملة الثالثة لسيمفونية «بيتهوفن» الخامسة. بعدها، انقطعت الموسيقى، ثم انبعث مقطع من فالس «فارس الزهور» لـ«ريتشارد شتراوس». وفي النهاية، سمعت فالس «المقدِّمة» لـ«فرانتس ليست»، فأطفأتُ الآلة.

في غرفة الكتب، رأيت أربع خزانات، امتدَّت على طول جدران الغرفة، وارتفعت حتى السقف. سحبت كتاباً، وكان بعنوان «المفتِّش الكبير»(2) لدوستويفسكي. سحبت كتاباً ثانياً، فكان رواية «في عواصف الفولاذ»(3) لإرنست يونغر. أمّا الكتاب الثالث، فكان «مساواة وحرِّيّة» لكليمنس أوسترتاغ. وعندما سحبت الكتاب الرابع، كان «المفتِّش الكبير» لـ«دوستويفسكي»، من جديد، والكتاب الخامس كان لإرنست يونغر، والسادس لكليمنس أوسترتاغ. وهكذا، اصطفَّت هذه الكتب الثلاثة، متكرِّرة باستمرار. في المرسم، عُلِّقت لوحة وحيدة، كانت طويلة وعالية مثل الحائط، من غرفة الكتب إلى غرفة تبديل الملابس. في يسار اللوحة، وقف الطاغية، وفي يمينها ظهر رجل وامرأة وطفل. رفعت المرأة الطفل نحو الطاغية، الذي مَدَّ ذراعيه، أيضاً، نحو الطفل. أمّا الرجل، فقد وقف جانباً، ضَمَّ كعبَيْ حذائه، وتباعد طرفا قدميه بزاوية منفرجة، تقريباً. كان ينظر إلى عينَي الطاغية. اكتشفتُ أزراراً في إطار اللوحة، فضغطت على أحدها. حينها، خرج الطاغية من اللوحة مجدَّداً، وعلى الطرف الآخر تحرَّك الكثير من الرجال إلى داخل اللوحة، وشكَّلوا صفّاً. كانوا جنوداً، ركَّزوا أعينهم نحو اليمين، متطلِّعين إلى الطاغية، الذي كان ينظر إليهم، أيضاً، حاملاً راية كبيرة في يديه، وكانت أرجوانية اللون، على خلفيَّتها حيكت بنفسجة ذهبية. رفرفرت الراية على كتف الطاغية. ضغطت زرّاً آخر، فدخل الطاغية وجنوده إلى الإطار. وبينما حمل الطاغية الراية، من جديد، هجم الجنود، وهم يحملون البنادق والمسدَّسات الآليّة، على عدوّ خارج اللوحة. كانت أفواههم مفتوحة، وبدا أنهم ينشدون أغنية. ضغطت مرّةً أخرى، فتحرَّك الطاغية وجنوده، من جديد، لكن الطاغية عاد في التوّ، إلى مكانه، وعلى الجانب الأيمن تحرَّك رجال ونساء وأطفال إلى داخل اللوحة، فتجمَّعوا في حقل كبير، ورفعوا أنظارهم إلى الطاغية. يبدو أن الطاغية، الذي وضع على شعره إكليلاً من البنفسج الأرجواني، كان يلقي خطاباً، وكان يبتسم. أحد الرجال في الحقل، حمل كتاباً، وآخر مغرفة، وثالث رغيفاً من الخبز، ورابع سنبلة حنطة سوداء، وخامس مطرقة، وسادس عصا إسكليبيوس. وضعت النساء بنفسجات أرجوانية في شعورهنّ، وحملن رضَّعاً، أو مسكنَ أطفالاً.

وعلى حين غرّة، لاحظت أن اللوحة أصبحت غير واضحة المعالم، فقد غطّاها ضباب، لكنه لم ينبعث من اللوحة، إنما من أرضيّة المرسم. أصبت بالرعب، فذهبت مبتعداً. دخلت إلى غرفة تبديل الملابس، كانت مليئة بالضباب أيضاً، لكني رأيت -رغم ذلك- بزّات رسمية، وبدلات سهرة رسمية، وبدلات عمل يومية، وملابس رياضية، ومعاطف شتوية، وسترات صيفية، وأرواب منزلية، وملابس سباحة، كانت كلّ سبعة منها معلَّقة، بالترتيب، أمام السبعة الأخرى في الخزانات المفتوحة. وكلّ بزة منها كانت تشبه الآخرى، وكلّ بدلة سهرة كانت تشبه الأخرى، وهكذا كانت بقية الملابس. سحبت بدلة سهرة رسمية، وكانت على قياسي. وبأسرع ما أستطيع، مضيت متبختراً، من جديد، فقد ازداد الضباب كثافةً.

وحين دخلت غرفة التصوير، كان الضباب أكثر كثافةً، لكني -إلى حَدٍّ ما- رأيت أثاث غرفة التصوير. في وسط الغرفة، كانت هناك آلة تصوير. ذهبت نحوها والتقطت صورة. ماذا صوَّرت؟ صوَّرت ما أمامي ببساطة: صور كثيرة للطاغية، تعلَّقت على الجدران في كلّ مكان. وحين نظرت إلى الصورة التي التقطتها، للتوّ، ومازالت رطبة، رأيت شيئاً لم أصوِّره. رأيت الطاغية نفسه، لا صورته، على الجدار: بدا حيّاً!، وتهيَّأ لي أنه يكمّم فمي، ويقيّدني. التقطت صورة أخرى، فظهر الطاغية فيها، من جديد، لكنه هذه المرّة بدا يأمرني بأن أكمّم فمي، وأقيِّد نفسي بنفسي. صوَّرت صورة ثالثة، وفي كلّ مرة يظهر الطاغية في الصورة. وبدا لي أنني ازحف في الممرّ، على طول شبكة الأنفاق، والطاغية يسير خلفي، ويلكزني بمسدَّسه، مشيراً إلى الاتِّجاه الذي عليَّ أن أزحف إليه. ومن جديد، تخيَّلت أن الطاغية يزحف في الممرّ، وأنا أقوده إلى أقصى وأعمق غرفة في شبكة الأنفاق. ومن جديد، حلمت بأنني أنا الزاحف وحامل المسدَّس، في الوقت ذاته، والطاغية هو الزاحف وحامل المسدَّس. خرجت من غرفة التصوير.

كنت أشعر بالخوف، وأرتجف، واتصبَّب عرقاً. تعرَّقت بغزارة إلى درجة أنني لم أتمكَّن من رؤية شيء، تقريباً. كما أن الضباب بات، الآن، يحجب الرؤية بشكل أكبر. كان معتماً وأرجوانيّاً. لم أسِرْ متبختراً الآن، وكنت أهذي بغير إرادتي. حاولت أن أكفّ عن ذلك، لكني لم أُفلح البتّة. كنت أردِّد الكلمة ذاتها. في البدء، لم أعرف هذه الكلمة، ثم بدا لي أني أكرِّر كلمة «الشرطة». نعم «هذه الكلمة، وأخرى بعدها. لكن، لماذا أقول كلمة «الشرطة»؟ وإذا ما كرَّرتها، حقّاً، فما الذي كرَّرته بعدها؟

حين خطوت عتبة الغرفة التالية راكضاً، سمعت، فجأةً، أصوات رجال كانوا ينادون بشيء ما. بدوا كأنهم ينادون عليَّ، بشيء ما، لكني لم أفهم ماذا يعني. لربَّما، حالَ الضباب دون ذلك، وكان يملأ الغرفة ككتلة صلبة، كالوحل، كالحجر، كجبل من الجرذان، وقد حال دون أن أرى الموجودين في هذه الغرفة. لكن الرجال لم يكفّوا عن مناداتي. لم أشكّ في أنهم كانوا يقصدونني. والآن، بدأ الضباب بالتحرُّك، فأصبح (هنا) معتماً تماماً، واختفى (هناك). وفي النهاية، اختفى من المكان بأكمله، لكنه شكَّل رجالاً، في المناطق التي ثبت فيها. نادوني. كانوا يجلسون إلى طاولة حانة، ويلعبون الورق. كانوا ينتعلون أحذية خفيفة. ولم يرتدوا ستراتهم، فتمكَّنت من رؤية حمّالات البنطلونات، وقمصانهم المشبكة. كلّ واحد منهم كان الطاغية، بدا كلّ واحد منهم شبه الآخر. بدوا مثلي تماماً، وبدوت مثلهم تماماً. كنت الطاغية أو طاغية. قالوا لي: اقترب. فدنوت من طاولتهم. كانوا يلعبون (السَّكات)(4). وبينما لعب ثلاثة منهم، كان الثلاثة الآخرون متفرِّجين. سألتهم: «ماذا عليَّ أن أفعل؟»، فأجابوا بأن عليَّ أن ألعب معهم. سألتهم: «من أنتم؟» فقال الأوَّل: «أنا الطاغية». سألت: «ومن الثاني؟»، فأجابوا بأنه الطاغية، أيضاً. سألتهم: «والثالث؟»، فأجابوا بأنه الطاغية، أيضاً. والرابع والخامس والسادس؟ كانوا جميعهم طغاة. سألتهم: «أين الطاغية؟»، فأجابوني: «هنا». سألتهم، من جديد: «أين؟»، فأجابوا: «نحن الطاغية». عاودت السؤال: «ومن أنا؟»، فأجابوني: «أنت الطاغية أيضاً». جلست إليهم. كانت اللعبة قد انتهت. قالوا لي: «هيّا، جاء دورك». خلطت الورق، ووزَّعته، فلعبنا. قال أحد الرجال: «أنا طاغية القضاء»، وقال الثاني: «أنا طاغية التربية»، وقال الثالث: «أنا طاغية الصناعة والتجارة»، وقال الرابع: «أنا طاغية السياسة»، وقال الخامس: «أنا طاغية شؤون الحرب»، وقال السادس: «أنا طاغية شؤون الأديان». سألتهم: «ومن أنا؟»، فأجابوا جميعاً: «قلنا لك قبل قليل»، «وماذا؟»، سألت مجدَّداً. «أنت طاغية الشرطة»، أجابوني. قلت لهم: «صحيح. أين الهاتف؟». «إنه أمامك». رفعت السمّاعة وطلبت الرقم. «نعم، سيدي!»، تناهي إليَّ صوت من الطرف الآخر للخطّ، فقلت له: «الطاغية يوجد في آخر وأعمق غرفة من شبكة الأنفاق. أسرعوا، وإلّا فسوف يختنق. انتظروا.. سأدلّكم على الطريق إليه. أنا قادم».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1 – عنوان القصّة بالألمانية:(Vorbereitungen zu einem Tyrannenmord)

2 – المقصود، هنا، عنوان الفصل الخامس من الباب الخامس لرواية للأديب الروسي فيودور دوستويفسكي (1821 – 1881) «الأخوة كارامازوف». وترجمة العنوان إلى العربية، مأخوذة من ترجمة سامي الدروبي للرواية، والصادرة عن المؤسَّسة المصرية العامّة للتأليف والنشر، القاهرة (1967). (المترجم)

3 – بعد مشاركته ضابطاً في الحرب العالمية الأولى، نشر الكاتب والروائي الألماني المثير للجدل إرنست يونغر (1895 – 1998) أولى رواياته «في عواصف الفولاذ» عام (1920)، وتضمَّنت يوميّات قائد مجموعة اقتحام في هذه الحرب. ولاقت الرواية نجاحاً كبيراً في ألمانيا، فقد عرض يوميّاته في الخنادق الأمامية للجبهة، وبطولات جنوده، بأسلوب تقريري بعيد كلّ البعد عن أيّة لمسة عاطفية. وعنوان الرواية يعبّر عن دفق القنابل الذي انهال على الجنود، طوال أربع سنوات، على الجبهة الغربية مع فرنسا. (المترجم)

4 – لعبة من ألعاب الورق في ألمانيا.

رابط تحميل العدد كامل

مواضيع مرتبطة

ألبير كامو.. الظلّ والضياء
ترجمة: محمد جاتم 07 سبتمبر 2022
محمَّد مبوغار سار: غونكور مفاجئة
ترجمات 02 يناير 2022
لم يكن الأمر ليكون! قـمم يأس إميل سيوران
ترجمة: محمد الناجي 07 يوليو 2021
كلاوديو ماغريس، وماريو فارغاس يوسا.. مرافعة للدفاع عن الأدب
ترجمة: عزيز الصاميدي 26 مايو 2021
جين كورتيز.. سريالية الهوامش
الحبيب الواعي 17 مارس 2021
هاروكي موراكامي: الأدب وحده لن يكون كافيا
ترجمة: عزيز الصاميدي 24 فبراير 2021
هيرفيه لو تيلييه.. مواجهة المرء لنفْسه
ترجمة: فيصل أبو الطُّفَيْل 01 يناير 2021
تورغوت أويار: «حبّي يؤلمني من التعاسة المتكاملة لبني البشر»
ترجمة: صفوان الشلبي 16 نوفمبر 2020
فرانثيسكو برينيس: الشعر هو قول أشياء مؤلمة
ترجمة: أحمد عبد اللطيف 15 نوفمبر 2020
عدالت آغا أوغلو.. الأدب التركي يفقد زهرة خياله!
سمية الكومي 01 سبتمبر 2020