في زمن الجائحة وثورة المعلومات.. هل يمكن للثقافة أن تكون عن بعد؟

| 09 يناير 2021 |
لا يختلف اثنان على أنّ أهم سمات العصر، هي ثورةُ المعلوماتِ، التي دخلت العصر بشكلٍ سريع، وأحدثت فيه الكثير من المُتغيِّرات بشكلٍ لم يعهده الإنسانُ من قبل. فالثقافةُ قديمة قِدم الإنسان، وهي تتلوَّن بشكلٍ خاص في كلِّ عصر، وقد اجتهد الإنسانُ كثيراً بابتكار وسائل متنوِّعة يُعبِّر بها عن نفسه من جهةٍ، ويتواصل بها مع الآخرين من جهةٍ أخرى، وربّما كان مفهوم المُثاقَفة هو أحد تجلِّيّاتها من حيث التواصُل الإنسانيّ، فهذا المفهوم لا تُكتسَب قيمته إلّا من خلال التواصُل، حيث بدأت مع النخب وأصبحت اليوم في متناول الجميع.
فلم تكن الثقافةُ عن بُعد وليدةَ الحاجة التي فرضها الوباءُ الأخير، بل كانت في صلب الكثير من التجارب الثقافيّة حول العالم، حتى أنها وصلت إلى المُؤسَّسات الأكاديمية والجامعات التي أصبحت تتعامل عن بُعد مع الدارسين. ولا أظن أن هنالك بلداً بالعالم لا يمتلك مثل هذه المُؤسَّسات الأكاديميّة، لكن الحقل الأهمّ في هذا المجال هو حقل الإعلام، فنحن نشهد تحوُّل الكثير من الصحف الكبرى في العالم إلى المُدوَّنة الرقميّة، وهذا يعود لأسبابٍ كثيرة لسنا بصدد الحديث عنها الآن، وإذا كان التعليم أو التعلُّم عن بُعد هو ما تبنَّته مؤسَّسات متنوِّعة فإنه اليوم يتحوَّل إلى ضرورة أُجبر عليها الإنسان والمُؤسَّسات الثقافيّة حول العالم، وذلك بسبب وباء كورونا.
فما زال الصراع محتدماً بين المُتحمِّسين للثقافة عن بُعد والرافضين لها، ولكلِّ فريق حُججه وقناعاته الناتجة عن تجربةٍ ما، فالمُتحمِّسون يرون أن وسائل التواصُل المدعومة بتقنياتٍ حديثة تمكِّن طالب المعرفة من استثمار أقصى طاقاته من حيث لا يستطيع التعليمُ التقليديّ أن يوفِّرها بالاعتماد على الوسائل القديمة. كما يرون أنّ الثقافة عن بُعد تكسر حاجزي الزمان والمكان، وتمضي في آفاقٍ واسعة نحو أكبر شريحة من الناس لا تستطيع أن توفِّرها المُؤسَّسات التقليديّة المحدودة بمكانها، والمحدودة بعدد أفرادها.
أما الرافضون للثقافة عن بُعد فيرون أنها تفتقد إلى المصداقيّة، فهذا الفضاء الواسع المُتاح للجميع لا يُقدِّم الثقافة على حقيقتها لافتقارها إلى الدقة العلميّة والمصداقيّة التي توفّرها الوسائل التقليديّة الأخرى، وعلى رأسها الكتاب الذي مازال إلى يومنا هذا مرجعاً مهمَّاً لكلِّ طالِب معرفة، وترى هذه الفئة أن الأضرار المُترتبة على الثقافة عن بُعد هي أكثر من المنافع، فالمُؤسَّسات التقليديّة تقدِّم خبراتها للمُتلقي عن كثب، لضمانها كافة العناصر المعرفيّة اللازمة.

هنالك عواملُ مُهمَّةٌ في توصيل الرسالة الثقافيّة
يقول الدكتور والروائي أحمد عبد الملك: كُلُّنا يعلمُ أَنَّ الثقافةَ، في الظروف الطبيعيّة، عادةً ما تكون مُجهِدةً وذاتَ مشَقَّة؛ فيما يتعلَّق بحضور الندوات والفعاليات الثقافيّة؛ فما بالكم مع جائِحة (كورونا) التي فرضت شكلاً جديداً للتواصُل الثقافيّ والإعلاميّ، وهو التواصُل (عن بُعد)؟! وهو أَمرٌ غيرُ مُعتادٍ، خصوصاً في ظلِّ غيابِ التفاعلِ الحقيقيّ بين صاحب الرسالة الثقافيّة والمُتلقي، وهذا ما نُعانيه في التدريس الجامعي أَيضاً.
الأَصلُ، في الرسالة الثقافيّة، أَنْ تحملَ مِيزةَ المُواجهةِ اللازمةِ لإحداثِ التفاعلِ بين المُحاضِر والجمهور، ولئن تحقَّقَ جُزءٌ يَسيرٌ من هذا التفاعل عبر أُسلوبِ (عن بُعد)، إِلَا أَنَّه تظلُّ هنالك عواملُ مُهمَّةٌ في توصيل الرسالة الثقافيّة، وأَهمُّها لغةُ الجسد. إِنَّ إِيماءاتِ المُحاضر وتشديدَه (Stress) على بعض الكلمات والألفاظ، وملاحظتهُ لمدى تأثير صوتهِ وإيماءاتهِ على الجمهور، أَمرٌ مُهمٌّ في توصيل الرسالة واستمراريتِها، وفي اقتناعِ المُحاضرِ باستيعابِ الجمهور لما يقول، أَو دهشتهِ وعدمِ استيعابه لما يقول.
وأَنا أَرى أَنَّه من الصعوبة بمكان، وضعُ مُعادلةٍ تقول: (إِنَّ أَدواتِ التواصُل الاجتماعيّّ، والثقافة، وجهان لعُملةٍ واحدة)، ذلك أَنَّ عُنصُر المُواجهةِ لا يتحقَّقُ في هذا الشكل من التواصُل، ناهيك عن انشغالِ بعض أَفرادِ الجمهور بأُمورٍ أُخرى، خارج دائرةِ المُحاضَرةِ أَو الورشةِ.
لستُ ضدَ استخدامِ أَدوات العصرِ المُتطوِّرة، ولكن لا يُمكنُ تعميمُ جدوى هذه الأَدوات، على جميع مناحي الحياة. كما أَنَّني أُراهنُ على قلّةِ استيعاب المُتلقي للرسالة الثقافيّة، عبرَ أُسلوبِ (عن بُعد)، لأنَّ الثقافةَ دوماً تكون (عن قُرب)!

الثقافة لا تُقاس بالبُعد والقُرب
وبدورها قالت الدكتورة مريم النعيمي الأستاذ المساعد / جامعة قطر إنّ الثقافة علاقة تواصلية بين الفرد والمُجتمع، وهذه العلاقة التواصُلية تنشطر بين المُثقَّف ونفسه، وبين الفرد وغيره، والجَائِحة لا تملك أن تؤثِّر على هذه العلاقات، حيث إنَّ المُثقَّف يعتمد اعتماداً كُلياً على البُعد، سواء في قراءاته، أو كتاباته، أو حديثه.
وقبل أن نبني ظلاماً وسواداً حول تأثير الجَائِحة على الثقافة لابد أن نلقي الضوء على مَنْ هو المُثقَّف؟ وما هي الثقافة؟ وهل سيتجه المُثقَّف إلى المعلومة الإلكترونيّة؟
من حُسن حظّ المُثقَّف أن تقوم هذه الثورة الإلكترونيّة التي تعدُّ بذاتها ثورة ثقافيّة، هذه الثورة التكنولوجيّة هي ثقافة قامت على العلم والمعرفة والفكر والبحث والتقصي، وهذه من أهمّ عناصر بناء الثورة التكنولوجيّة، وهي أيضاً من أساسيات بناء المُثقَّف لتكوينه المعرفي، والثورة التكنولوجيّة لا شكَّ أنّ دورها كبير جدّاً أوصلت المُثقَّف لحقائق وآفاقٍ مفتوحة لا يتأثر في الوصول لها بالبُعد أو القُرب.
ثم ما هي الثقافة عن قُرب لعلكم تفيدونني؟ وما أعرفه أن الثقافة كلها عن بُعد ينهل منها المُثقَّف شراباً هنيئاً متى شاء، له الحرّيّة أن يأخذ معلومته من كتابٍ أو من جهازٍ، فكلّ ما يحصل عليه هو عن بُعد. واسمحوا لي أن أُصحح عبارة الثقافة عن بُعد وقُرب، فهناك مَنْ يدير الثقافة وهم مدراء الإدارات والمُوظفون ودورهم يقتصر بالإدارات اللوجستية واستقطاب وسائل الثقافة من الخارج، وأقصد بالخارج الأفراد الذين لهم قلم يكتب، وريشة تبدع، وصوت جميل يشدو، وعازف نغم جميل، ومتحدِّث يحمل شيئاً جديداً فيه إضافات طريفة، وشباب واعد يهوى القراءة وإدارة الحوار المُتقدِّم.. أعتقد هذه بعض أوجه الثقافة التي تأتي من خارج أسوار الوزارات الخاصّة بالثقافة وتُدار باحترافية من المسؤولين داخل هذا السور، وبذلك نعود للعلاقات التواصُلية التي تنمو منها الثقافات ويصقل بها المُثقَّف الذي لا يحتاج لمكانٍ مغلق ليبدع فيه، ولكن آفاق الإبداع والصقل تنشأ من بعيد بالقراءات واختراق المسافات المُكرَّرة، والانطلاق خارج أسوار الروتين الإداري.. والصقل.
أما عن وسائل التواصُل الاجتماعيّّ ودورها في ربط الثقافة بالفرد فأقول إنّ وسائل التواصُل الاجتماعيّّ قتلت الثقافة، لأنها مجرَّد فضاءات للتنفيس عن كلِّ ما يدور في خواطر الأفراد من عباراتٍ، أحياناً تكون تعليقاً، وأحياناً تكون تعبيراً، أما الثقافة فوجهها يحمل الكثير من المعاني العميقة المصقولة، والتي تزهر أشياء ثمينة في قيمتها وجوهرها ومفرداتها فتكون كتاباً نافعاً مرّة، وقصيدة متماسكة مرّة، ولوحة فنَّان مرهف مرّة، وإبداع فكر مثمر مرّة، ومقطوعة موسيقيّة معبِّرة مرّة، ونصّاً مسرحياً هادفاً مرّة، وبهذا كله تتكوَّن منظومة الثقافة المُتكامِلة التي لا ترتبط ببُعد أو قُرب، وبهذا أيضاً تختلف الثقافة عن ما يُكتب يومياً على وسائل التواصُل الاجتماعيّّ في جمل قصيرة أو خواطر ذاتية مُختصَرة.

الوسيط يفتقر إلى تأثيره المُباشر
أما الناقد الدكتور حسن رشيد فيقول إنّ الثقافة عن بُعد.. إطار إشكاليّ، ذلك أنّ الرسالة ستكون ناقصة جدّاً.. والثقافة بمعناها الشموليّ تستلزم وجود المُرسِل والمُتلقي. فهل يمكن أن يُمارس الشاعر دوره دون جمهور؟ والمُمثِّل يُقدِّم مسرحياته مُعلَّبة.. قِسْ على هذا بقية الفنون. لابد في إطار الثقافة من التلاحم بين المُرسِل والمُتلقي.. نعم قد يكون لبعض الفعاليات تأثيرٌ آنٍ.. ولكن هل يكون تأثير المُحاضِر عبر الوسيط مثل تأثيره وسط الجماهير؟!.. ولكن نظراً للظرف الطارئ وما يمرُّ به العالَم الآن، فقد خُلق واقعٌ مغايرٌ للمألوف أوجد نوعاً من الحراك المختلف في بعض المُجتمعات دون الأخرى.
إنّ الثقافة، في الإطار الأشمل، لها تأثيرها الأكبر في حميمية اللقاء، ذلك أن الوسيط يفتقر إلى تأثيره المُباشر والمُحرِّك للمشاعر.. ولدينا خير مثال في إطار التعليم -مثلاً- عن بُعد.. هناك العديد من السلبيات خاصّة في مجتمعاتنا، ونقيس على هذا في مجال الغناء، والمسرح، والمُحاضرات، ومن ثَمَّ الندوات.. سوف نجد أن تأثيرَ الرسالةِ الثقافيّة واهٍ، والنجاح -وإنْ كان- فأمره نسبي وأَقلّ من المأمول. وهي محاولات لأنّ الظروف قد حتَّمت على العالم هذا الإطار.
فالثقافة عن بُعد تأثيرها هش.. ولكن واقع الحال فرض علينا هذا الأمر.

لا يمكن الاستغناء عن الكتاب
وبسؤالها قالت الدكتورة موزة المالكي الأستاذة الاستشارية في علم النفس: أعتقد أن ما يُطلَق عليه الثقافة عن بُعد هو جهود تبذل في سبيل الحفاظ على استمرارية الحركة الثقافيّة للاطلاع على الإنتاج الإبداعيّ والمعرفيّ لمُفكِّرين وكُتَّاب ومثقَّفين من دولٍ أخرى، وهذا جزءٌ من تأثيرات الجَائِحة على القطاع الثقافيّ، فمن الطبيعيّ أن تتغيَّر الثقافة التي عهدناها، وثقافة ما بعد كورونا أجبرتنا على تغيير المسار، فالخوف والقلق والحيرة والتوتر وفقدان السيطرة على الأعصاب كلها عوارض ظهرت مع انتشار فيروس كورونا، فالأزمة النفسيّة ازدادت حدّة لعدم معرفة توقيت انتهاء هذه الأزمة.
كما أنّ إجراءات الحَجْر المنزليّ تدفع لمزيد من التوتر، والخيارات باتت ضئيلة جدّاً مع وجود التباعُد الاجتماعيّّ الذي ضاعف من الحالة المزاجية السيئة التي انعكست على نفسياتنا قبل أجسادنا.
وبذلك اضطر المُثقَّف إلى اللجوء إلى الجهاز للحصول على المعلومة، ليس هذا فقط، بل أصبحت المؤتمرات تُدار عن طريق الهواتف، وطبقت الآلاف من مؤتمرات (الفيديو زوم) الذي تفوَّق على الجميع بشهادة الكثيرين.
ولكلِّ هذه الأسباب -في اعتقادي- أن مواقع التواصُل الاجتماعيّّ هي بمثابة فضاء مفتوح من المعلومات والأخبار المُتدفِّقة، ولولا وجود هذه التقنية لأصبحنا بمعزل عن العالم ما يؤثِّر على تنمية ثقافتنا وشخصيّتنا، كما أن شبكة التواصُل الاجتماعيّ يسَّرت لنا سُبل التواصُل مع المُثقَّفين والأدباء والكُتَّاب والإعلاميّين، فأصبح التعرُّف على ما يكتبون أولاً بأول أكثر يسراً عن ذي قبل، في حين كان هذا الأمر يستغرق الكثير من الوقت في البحث والتجوُّل في أروقة المعارض وبين رفوف المكتبات.
وأي معلومة أو خبر لا يستند إلى مرجعٍ علميّ أو مصدرٍ موثوق لا يُعوَّل عليه، وبالتأكيد زادت هذه الوسائل من ثقافتنا بشرط أن نختار المواقع التي نأخذ منها المعلومات التي تهمنا، إلى جانب الانفتاح على الآراء الأخرى في مختلف المجالات، وبقدر ما أفادتني شبكة التواصُل الاجتماعيّّ، بقدر ما حفَّزتني كذلك على الدخول في عوالم فكريّة وعلميّة جديدة كانت غائبةً عني، والبحث فيها، فالعلم لا حدود له، ومهما تمَّت الاستعانة بوسائل التواصُل الاجتماعيّّ لا يمكن الاستغناء عن الكتاب…
فكما قال المتنبي:
أَعَزُّ مَكَانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ … وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الأَنَامِ كِتَابُ

الجَائِحة فتحت الأفق على استخدامات أوسع للتعلُّم عن بُعد
فيما أكَّد الدكتور جاسم السلطان مدير مركز وجدان الحضاري أن التطوُّر التقني ميزة كبرى لعُشاق الثقافة والفكر والتعلُّم، فما من حقلٍ معرفيّ اليوم إلّا والمادة التدريبيّة والنظريّة المُتاحة فيه وبجودة عالية موجود على أطراف الأصبع، ومع كلِّ تطوُّر تقني كان السؤال يبرز حول الكتاب والصحيفة والتعليم، وأي الوسائل ستختفي وأيها سيبقى؟
وما يحدث عادةً، أو في الغالب، هو التجاور وتغيُّر نسبية الأوزان، وأظن أنّ الكتاب بقي محتفظاً بمكانته طوال هذه الرحلة والتطوُّرات، أما وسائل التواصُل الاجتماعيّّ العادية فعادةً ما تحتلُّ مكان الصدارة في الأخبار الخفيفة وذات الطابع اللحظي، ومَنْ يعتمد عليها كمصدر هي طبقة لم تكن من جمهور الكتاب أصلاً، وبالتالي فهي ليست خصماً من جمهور الكتاب. والغالب بالنسبة للمُثقَّفين هو الاحتفاظ للكتاب بمكانته والاستفادة من التطوُّر التقني في إثراء تلك المعرفة وتوسعة مصادرها وطرق معايرتها.
الجَائِحة فتحت الأفق على استخدامات أوسع للتعلُّم عن بُعد، وعن ممكنات التقنية، ولكنها لن تُغيِّر المُعادلة الأصليّة التي ذكرتها سابقاً فيما أعتقد.

فرق شاسع بين الثقافة الرقميّة والكتاب الرقميّ
ويضيف الشاعر عبد الرحيم الصديقي قائلاً: أعتقد أنّ الثقافة عن بُعد وُلِدَتْ مع عصر التواصُل الاجتماعيّ بين الأشخاص المُبدعين فقط، ولكنها اتّسمت بالمُجاملة، وكان ذلك قبل الجَائِحة بزمنٍ طويل، ولكن ما حدث في زمن الكورونا هو أن التواصُل الثقافيّ للهياكل الحكوميّة أصبح عن بُعد لأسبابٍ صحيّة لوجستيّة، أما عن الكتاب الرقميّ والثقافة الرقميّة فما زالت خجولة في وطننا العربيّ علماً بأنها نشطة جدّاً في أرجاء أخرى من العالم.
شخصياً مازلت أفضِّل الكِتاب الورقيّ عن الرقميّ كون اقتناءه يعني لي الكثير، حُب التملك، ولكنه سوف يجتازنا شئنا أم أبينا.. لن نستطيع أن نقف في وجه التكنولوجيا، وأعتقد أن الجيل الحالي لا يعني له الكتاب الورقيّ الكثير.. هو جيل رقميّ عن بكرة أبيه.
ولكن هناك فرقاً شاسعاً بين وسائل التواصُل الاجتماعيّ كونها مبنية على الثرثرة والمُجاملات، وبين الثقافة الرقميّة والكتاب الرقميّ.

رُبّ ضارةٍ نافعة
وأضافت الفنَّانة التشكيليّة منى البدر قائلةً: مهما تغيَّر علينا الوقت والزمن ستكون هناك حاجة ماسة للثقافة المُدوَّنة على الورق، وذلك لعدّة أسبابٍ، ومن أهمها أن التكنولوجيا لازالت غير متوفِّرة عند بعض الدول وبعض الأفراد، وأيضاً لا يمكننا الحصول على الكثير من الموارد المقروءة والتاريخيّة عبر الإنترنت، ولكن وبالرغم من ذلك ومع انتشار جائِحة «كوفيد – 19» أصبح هناك وعيٌ وإدراكٌ من جميع أفراد المُجتمع بمختلف الأعمار بأهمية استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في حياتنا اليومية للبحث عن المعلومة والوصول لأكبر عدد ممكن من الموارد الثقافيّة، ناهيك عن إمكانية امتلاك هذه الموارد بسرعة البرق وتحقيق الانتشار لها في شتّى بقاع الأرض.
وجود الموارد الثقافيّة وتوفُّرها عبر شاشة واحدة سهَّلا في إنجاز الكثير من الأمور المُتعلِّقة بالخدمات، وأصبح الفرد متمكِّناً من الوصول للمعلومة، ولكن هناك بعض العوائق المُعطلة لإمكانية الوصول، ومن أهمها شرط وجود خدمة الإنترنت فائق السرعة في كل زمانٍ ومكان، وأهمّية اتصاله بأجهزة الحاسوب المُختلفة، وهذا الشيء يُعرِّض خصوصية الفرد للانتهاك عبر العديد من القنوات على شبكة الإنترنت.
(رُبَّ ضارةٍ نافعة) من وجهه نظري، فهذه الأزمة جعلت الأفراد مثقَّفين بشكلٍ واسع، وفتحت الكثير من الآفاق للمعرفة لاسيما أنّ كلَّ فرد أصبح يأخذ على عاتقه أن يثقَّف نفسه بطريقة استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في مجاله العمليّ والتعليميّ واليوميّ أيضاً.