كي لا نصدِّق أنّ المُستقبل وراءنا!

آدم فتحي  |  12 مايو 2020  |  

لم يدّخر المهدي المنجرة جهدًا في دعوة العرب نُخبًا وشُعوبًا وحُكّامًا إلى إيلاء الدراسات المُستقبليّة ما تستحقّ من اهتمامٍ باعتبارها مسألة حياة أو موت، فلا بقاء في نظره إلّا لمَنْ ينظر إلى أبعد من أنفه، وإلى أبعد من جيله، وإلى أبعد من عهدته النيابيّة أو الرئاسيّة.

يُشير زيغمونت بومان عَالِمُ الاجتماع الإنجليزيّ ذو الأصول البولنديّة في كتابه «ريتروتوبيا» الصادر سنة 2018، إلى أنّ «المُستقبل» المحلوم به لم يعد جذّابًا، بل أصبح أفقًا مُخيفًا نتيجةَ التقدُّم التكنولوجيّ المُتوحّش الذي يهدِّد ديمومة العمل البشريّ، ونتيجةَ التنافُس المتصاعد بين الجميع حدَّ إنتاج الليبراليّة المُتوحّشة، ونتيجةَ تَراجُع الديموقراطيّات وفشل الدولة الاجتماعيّة. 

مفكِّرون كثرٌ يشاركون بومان نظرته التشاؤميّة، وكأنّ الحاضرَ الكونيَّ لم يعد سوى شاهدٍ على انهيار شامل يغطّي جميع الوجوه. انهيار صدَّ الفرد عن النظر إلى المُستقبل باعتباره فضاءً مفتوحًا أمام الأمل، ورجّح لديه أنّ المُستقبل لن يكون سوى مرحلة انهيار أشمل وتدهور أكبر. من ثمَّ حلّ الحنين إلى الأمس محلّ الحلم بالغد وكأنْ ليس في الإمكان أفضل ممّا كان.

يُطلق بومان على هذه الحالة اسم «زمن العودات الكبرى» التي تجعل اليوطوبيا تكفّ عن التحرُّك في اتّجاه الأمام لتصبح نكوصًا وانكفاءً في نوعٍ من المديح العقيم للحلول التي اقترحها علينا الماضي. مؤكّدًا أنّ تشخيصه هذا دعوةٌ إلى اليقظة والعمل، وليس مرثية يائسة. فالحلُّ بالنسبة إليه موجود، ويتمثَّل في أن ننظر إلى المُستقبل وأن نبحث في المُستقبل عن حلولٍ لمآزقنا، عاملين بدعوة غرامشي إلى ضرورة الجمع بين «تشاؤم الذّكاء وتفاؤل الإرادة». 

آدم فتحي (تونس)
آدم فتحي

في مثل هذا السياق أفتقِدُ المهدي المنجرة، وأنظرُ إلى نهجه فأرانا في أمسّ الحاجةِ إليه، اقتداءً ونقدًا وتطويرًا. وإنّي لَأُمعِنُ النظرَ فيما حَظِيَ به فكرُ الرجل منذ رحيله سنة 2014 فأراه دون المطلوب بكثير. وقد يكون لمرضِ جانبٍ كبيرٍ من الثقافة العربيّة بماضيها، بعض المسؤوليّة عن ذلك. إذ كيف لثقافةٍ لا تكفّ عن الإقامة في ماضيها، ولا تكفّ عن البحث عن خلاصها فيه، أن تنتبه بما يكفي إلى عَالِمٍ من عُلَماء المُستقبليّات؟!

لا أدّعي في هذه المُداخلة المُوجزة الحلول محلّ أهل الاختصاص، فأقصى ما أهدف إليه هنا لفت الانتباه، وتوجيه تحيّة «رمزيّة» لمُفكّرٍ من أولئك الذين أثبتوا أنّ العلم والشعر يلتقيان في مجالاتٍ كثيرة، على رأسها مجال المُستقبليّات. وهو مجال لدراساتٍ لا تُعادِي أحلام الشعراء بقدر ما تستنير بها، ولا تُخاصم الماضي بقدر ما تستفيد منه. لذلك ما انفكَّ المهدي المنجرة يدعو إلى دراسة التاريخ مؤكِّدًا أنّه كلّما اهتمّ بالدراسات المُستقبليّة «ازداد شعورًا بالحاجة إلى ترسيخ رؤيته على أُسُسٍ تاريخيّة صلبة».

أذكر هنا ذلك الحوار الذي أداره أفلاطون في «فيدروس»، بين الفرعون ثاموس وهرمس أو تحوت الذي وقف أمام الفرعون يعرض عليه اختراعًا سيغيّر مستقبل البشريّة، هو الكتابة، فخيَّب الفرعونُ ظنّه، مشيرًا إلى أنّ الذاكرة موهبة عظيمة لابدّ من تعهّدها بالممارسة المستمرّة، وأنّ اختراعًا كهذا قد يجعل البشر يعتمدون على «أداة خارجيّة» فيكفّون عن تنمية تلك الموهبة «داخلهم».

علّق أمبرتو إيكو على هذا الحوار في محاضرته بمكتبة الإسكندريّة بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، مؤكِّدًا أنّ التاريخ أثبت تهافُت فكرة ثاموس، فالكتابة لم تقتل الذاكرة، بل منحتها مزيدًا من أسباب النموّ… ولعلّه كان يستطيع أن يقول أيضًا، إنّ ثاموس كان «يتذكّر المُستقبل»، لأنّه كان مفتقرًا إلى كلّ ما مدَّنا به علم المُستقبليّات من أدوات تحليل ومناهج تفكير…

من هذا المنطلق أنظر إلى ضرورة الانتباه إلى ريادة مفكّرٍ مثل المهدي المنجرة، لمع نجمه في مجال البحث الاقتصاديّ والاجتماعيّ والحضاريّ، وتحديدًا في مجال الدراسات المُستقبليّة، وأصبح ذا صيتٍ عالميّ غير مسبوق، وترك العديد من المُؤلَّفات القيّمة التي تحتاج إلى محاورةٍ حقيقيّة، مثل «من المهد إلى اللحد» و«الحرب الحضاريّة الأُولى» و«الإهانة في عهد الميغا أمبرياليّة». 

في كتابٍ ضمَّ مجموعةً من المحاضرات بعنوان «قيمة القيم» أشار إلى أولئك الذين ما انفكّوا يعتبرون الدراسات المُستقبليّة طوباويّات غير علميّة، مؤكّدًا أنّها رؤية للمستقبل لا غِنًى عنها لأيّ إستراتيجيّة أو سياسة تنمويّة. كما وضَّحَ الفرق بين التخطيط والمُستقبليّات، مُلِحًّا على أنّ التخطيط ضروريّ ومُهمّ وهو يقوم على «تحليل المعطيات بمقاييس وخيارات تسمح بإسقاطات ميكانيكيّة شيئًا ما»، أمّا المعيار المُستقبليّ فإنّ «إسقاطاته ليست خطيّة، لأنّها تأخذ بعين الاعتبار التغيُّرات النوعيّة والطفرات المُهمّة».

لم يدّخر المهدي المنجرة جهدًا في دعوة العرب نُخبًا وشُعوبًا وحُكّامًا إلى إيلاء الدراسات المُستقبليّة ما تستحقّ من اهتمام باعتبارها مسألة حياة أو موت، فلا بقاء في نظره إلّا لمَنْ ينظر إلى أبعد من أنفه، وإلى أبعد من جيله، وإلى أبعد من عهدته النيابيّة أو الرئاسيّة. ما فائدة مخطّطات التنمية «إذا لم تتجاوز المدى المنظور» ولم تضع في حسابها تغيُّر الظروف الموضوعيّة والذاتيّة؟ ما فائدة خطط إصلاح التعليم إذا كان الوزراء الداعون إليها لا يهتمّون إلّا «بما يستطيعون جني ثماره خلال فترة اضطلاعهم بالمسؤوليّة»؟

يتطلَّب إصلاح التعليم، في نظر المنجرة «الاهتمام أساسًا بعقليّة الذين سيطبّقونه»، لأنّ الأشخاص الذين سيدرّسون حوالي عام 2020 هم تلاميذ المدارس عام 2000، فكيف يُصلحون خطأً تربَّوا عليه؟! ويضيف قائلاً: «إذا كانت الدراسات المُستقبليّة تفترض توقُّع الخطأ فلأنّها تبحث عن المرغوب فيه ولا تقتصر على الممكن».

سنة 1989 شارك المهدي المنجرة في ندوة تناولت الثورة الفرنسيّة، وقدَّم ورقةً مُدهشة تكاد تتوهّج بما شهدته البلاد العربيّة بداية من سنة 2010 و2011، إلى درجة استشراف الشعارين الأساسيّين اللذين ضجّت بهما الشوارع: الحرّيّة والكرامة. في تلك الورقة أشار المنجرة إلى أنّ «الإشكاليّات التي عرفها مجتمع فرنسا سنة 1789 أصبحت كونيّة»، وأنّ الثوّار ما كانوا لينجحوا في شيء وقتئذ لولا قدرتهم على إبداع منهج وأسلوب وأدوات إجرائيّة ووسائل قادرة على الخروج بهم من تلك الإشكاليّات.

المشكل الحقيقيّ لمستقبل البشريّة وبقائها، كما جاء في تلك الورقة، هو أن نعرف إنْ كنّا قادرين على الإبداع في التمسّك بالكرامة الإنسانيّة، بما يكفي للوصول إلى الثورة دون دفع الثمن في شكل أرواحٍ بشريّة…

نتمعَّن في مرحلتنا الراهنة، فنشعر برشاقة هذه الفكرة، فكرة الإبداع. إذ بالإبداع وحده استطاعت الجماهير أن تحوِّل الأدوات التكنولوجيّة الحديثة إلى ثقافة، وأن تبتكر قيادة جماعيّة لحركتها، وأن تقتصد في الدم. لكن هل تواصل هذا الإبداع؟ هل احتكم «راكِبُو الموجة» إلى قوانين جديدة؟ هل غيّروا الخيارات؟ هل استنبطوا ميكانيزمات مُختلفة؟ أم أعادوا إنتاج نفس القوانين والخيارات والميكانيزمات والمناهج؟ 

بعبارةٍ أخرى: هل أحسنَ «أبناءُ التكنولوجيا الرَّقميّة» اختيار «ممثّليهم»، وهل عبّروا عن ذهنيّة مختلفة تستطيع التأقلم مع فائض الحرّيّة وفائض المطلبيّة الراهنين، أم أنّهم سرعان ما استسهلوا إعادة إنتاج جوهر المنظومة التي ادّعوا مواجهتها؟ 

سؤالٌ يعود بنا إلى سؤال المنجرة: «هل في وسعنا دون تشاؤُم ملاحظةُ الخطر الذي يتهدَّد المجتمعات المُتقدِّمة، حيثُ باتت الحرّيّة تُمارَسُ لا ككرامةٍ سامية، بل كرفاهية»؟ تشاؤمٌ يشملُ الدول «المُتقدِّمة»، فما بالك بالأخرى؟، حيث يُقصِي التكتيكُ الإستراتيجيا ويبدو التفكيرُ بعيدُ المدى في نظر البعض «بلا فائدة إجرائيّة على المستوى السياسيّ» مادام يتجاوز «عهدتهم السياسيّة».

وعلى الرغم من ذلك يظلّ الأفق مُشرَعًا أمام ذوي الإرادة. ولعلّنا نلتقي فيه بمفكِّرين ومبدعين، عرفوا مثل المنجرة كيف يجيئون من المُستقبل، وكيف يرحلون بنا إليه، كي لا نصدِّق أنّ المُستقبل وراءنا.

مواضيع مرتبطة

فنّ لعب كرة القدم
ترجمة: عبدالله بن محمد 10 نوفمبر 2022
نسخة استثنائية في رحاب ثقافتنا
مجلة الدوحة 10 نوفمبر 2022
دموع الفوتبول
دموع الفوتبول 09 نوفمبر 2022
جابر عصفور.. التراث من منظور الوعي بالحاضر
حسن مخافي 07 سبتمبر 2022
القاضي والمتشرِّد لأحمد الصفريوي.. حين لا تكون الإثنوغرافيا سُبّة
رشيد بنحدو 02 يناير 2022
فيليب باربو: اللّغة، غريزة المعنى؟
ترجمة: مروى بن مسعود 02 يناير 2022
رسالة إلى محمد شكري: الكتابة بيْن الصمت والثرثرة
محمد برادة 02 يناير 2022
إشكاليةُ اللّغةِ العربيّةِ عندَ بعضِ الأُدباءِ والإعلاميين
د. أحمد عبدالملك 15 ديسمبر 2021
محمد إبراهيم الشوش.. في ظِلّ الذّاكرة
محسن العتيقي 01 نوفمبر 2021
بورخيس خَلَفًا للمعرّي
جوخة الحارثي 06 أكتوبر 2021

مقالات أخرى للكاتب

شهرزاد من خلف الكمّامة.. كل عام وأنتم بخير!
03 يناير 2022

نتمنّي عامًا سعيدًا لنا ولأحبّائنا ونحن نودّع سنة ونستقبل أخرى، قريبين في ذلك من شهرزاد وهي تسكت عن الكلام المباح وتستعدّ لاستئنافه في الصباح الموالي. والحقّ أنّ وجوه شبهٍ عديدة تجمعُ بيننا نحن «شهرزادات» ألفِ يومٍ ويومٍ و«شهرزادات» ألف ليلة: كلٌّ منّا...

اقرا المزيد
حرب الخوارزميّات بعد سَكتَة الفيسبوك
01 نوفمبر 2021

يوم الاثنين 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021 ليلًا «سكتت» منصّةُ فيسبوك عن الكلام المُباح. توقّف نصفُ الفضاء الأنترنوتيّ عن العمل. كَفّت الأرضُ عن الدوران. خُيِّلَ إلى الكثيرين أنّهم يقتربون من نهاية العالَم فازدهرت «نظريّة المُؤامرة». ثمَّ تَمَاهَى متصفِّحُ الفيسبوك...

اقرا المزيد
«البرفورمانس» والنصّ المتحرّك
26 مايو 2021

هل أصبح الكَاتِب والشاعِر والمُفكِّر منشّطين تليفزيونيّين؟ ذاك هو السؤال المطروح منذ غلبةِ التليفزيون على الساحة الثقافيّة العالميّة، ومنذ توليّ فضاءات التواصل الاجتماعيّ إسناد التليفزيون في صناعة النجوميّة، قبل منافسته في صناعة القيمة. كان مجتمعُ الفرجة...

اقرا المزيد
الدبلوماسية الثقافيّة.. ما قبْل وما بعد!
26 أبريل 2021

من الضروريّ إثراء صنف المُلحقين الثقافيّين بعددٍ من الأدباء والمُثقَّفين، شباب الروح والخيال، الذين تتوفَّر لديهم الرغبة والشروط. إمّا كمُلحَقين وإمّا كمُختصّين يُساعدون المُلحقين في مجال اختصاصهم. هذا الأمر معمول به من القديم. وقد رأينا سلسلةً تكاد لا...

اقرا المزيد
غيابُ الكِتاب في الإذَاعة والتليفزيون
17 مارس 2021

قَلَّ حُضورُ الكِتاب والثقافة في الإذاعةِ والتليفزيون، وباتَ عبئاً يتمُّ النهوضُ به من باب جبر الخواطر ورفع العتب، حتى إذا سأل أحدُهم عن الكِتاب دمغوه بقائمةٍ من الحصص والبرامج طويلةٍ عريضة، تسمح بإيجاد نسبةٍ مئويّة في الشبكة يتبجَّح بها الإداريّون عند...

اقرا المزيد
السنة البطيئة!!
01 يناير 2021

لعَلّ أفضل ما نتمنَّاه لنا وللقادمين، أن تكون سنة 2021 سنة «يقظة الوعي الجماعيّ»، ودرساً كافياً للبشريّة كي نفهم جميعاً أنّ مصيرنا مشترك أو لا يكون، وأنّ مُستقبلَنا رهينُ تضامننا، وأنّ إهدار الثروات والاعتداء على المناخ وتلويث البيئة طريقٌ إلى تدمير الإنسان...

اقرا المزيد
تغريبةُ الإنسان المحتار
06 نوفمبر 2020

ليس من شكٍّ في أنّ ثلاثةَ أرباع حياتنا انتظار. أمّا الربع الباقي فلعلّه مُوزّعٌ بين الاستسلامِ للانتظار والاستعدادِ لهُ والضِّيقِ بهِ ومساءلةِ الإنسان نفسَهُ في المرآة: ماذا تنتظر؟: نتيجةً؟ مفاجَأةً؟ نجاحاً؟ خيبةً؟ معجزةً؟ محنةً؟ خلاصاً؟، ومن تنتظر؟:...

اقرا المزيد
بذْلة الغوّاص
15 يوليو 2020

فقدانُ القدرةِ على الاختيار هو الذي يصنع القيدَ والسجنَ. وهو الذي منحَ «الحَجْرَ» بسبب الكورونا مذاقَه القياميّ. لقد أُكْرِهْنا على لزومِ البيت فكدنا نكرهُ مَا لو كنّا مُخَيَّرينَ ما غادرناه. بل إنّي كنتُ قد فقدتُ شهِيّةَ السفر وأوشكتُ على الاعتكاف في بيتي،...

اقرا المزيد
الكورونا.. ظاهرة إعلاميّة؟
08 يونيو 2020

استطاع فيروس كورونا في وقتٍ قياسيّ أن يُحقّق ما عجزت عنه أشرسُ الشموليّات: حثّ الناس على تكميم أفواههم بأنفسهم. دَفْعهم إلى إخلاء الشوارع ولزوم البيوت. إيهامهم بضرورة الانعزال بعضهم عن بعض طلبًا للسلامة. إقناعهم بما ذهب إليه باسكال حين قال «إنّ كُلَّ شقاءِ...

اقرا المزيد
مانغويل في تونس.. انتصار الخيال على الواقع
04 أبريل 2020

يعود‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أسبابٍ‭ ‬عديدة،‭ ‬يتعلَّق‭ ‬بعضها‭ ‬بميّزات‭ ‬الرجل‭ ‬وحضوره،‭ ‬ويتعلَّق‭ ‬بعضها‭ ‬بما‭ ‬حفّ‭ ‬بهذه‭ ‬الزيارة‭ ‬من‭ ‬محطَّات‭ ‬دراماتيكيّة‭ ‬منحتها‭ ‬مذاقاً‭ ‬خاصّاً‭. ‬وهي‭ ‬فرصةٌ‭ ‬سأظلّ‭ ‬مديناً‭ ‬بها‭...

اقرا المزيد